بقلم الكاتب التراثى .أيمن عثمان
من المحكمة لباب السجن فى كل مرة كان بيسجن فيها فتوة المدبح “الحاج أحمد” كانت الزفة الموسيقية بتثبت حضورعلى هتاف شخص، وترديد جماعى.
– الحاج أحمد
– إسم الله عليه.. إسم الله عليه
– فتوة بقوة
– إسم الله عليه.. إسم الله عليه
وفى السجن يقضى فترة العقوبة كام شهر من عمره، وبعدها يخرج من باب السجن للمدبح بنفس الزفة الموسيقية، ونفس الهتاف الجماعى، ويباشر عمله كـ فتوة للمدبح، ويتعاد المشهد كل فترة، والسجن للجدعان.. المحاكم سجلت ضده 54 قضية ضرب خرج من معظمها بالكفالة.
تخيل بقى إن الحاج أحمد فتوة المدبح سنة 1958 فى الأصل واحدة ست.. ايوة يا فندم.. واحدة ست.. إسمها فاطمة الدرانية ومشهورة بـ الحاج أحمد.
ظهرت فى المدبح وعمرها 8 سنين، وإشتغلت لحساب “معلمة” فى جمع روث الحيوانات اللى بتدخل السلخانة، وبيع الروث للفلاحين كسماد طبيعى.. كبرت فاطمة وإستقلت بنفسها عن المعلمة، وبقت معلمة فى تجارة السماد.. فى البداية تعاملت بالأدب والذوق والإحترام علشان تكسب أرضية تساعدها فى شغلها فى مجال مايعرفش غير لغة القوة والجراءة وقلة الإدب، والنبوت المعروف فى كار الفتوات بـ الحاج أحمد هو الحكم الوحيد فى أى صراع.. لجئت فاطمة لفتوة وإتعلمت على إيده أبجديات لغة النبوت، وقواعد ضرب الروسية، وأصول مقالب الحرامية، وبسبب إحترافها الضرب بالنبوت أطلقوا عليها لقب “الحاج أحمد”، وفرضت سيطرة كاملة على المدبح بشنباته..
عن نفسها قالت “انا مابطلبش الشر.. اللى يدوس على كرامتى أو يتحرش بيا بيكون التمن دم”، وده السبب فى خسارتها تمن عمارتين فى أتعاب المحاماة ومصاريف الكفالات والغرامات.
الخمسينات والستينات بالنسبة للمرأة المصرية.. سنوات فى قمة الدهشة والإبهار.. فيها إقتحمت مجالات ماكنش فى تخيل أى بنى آدم إنها هتقتحمها وتثبت وجودها فيها.. على سبيل المثال سنة 53 قاسمة أحمد كانت أول كونستبل فى البوليس وسبقت كلود لومال الفرنسية بـ 27 سنة، وسنة 56 أول كمسارية وراوية عطية أول برلمانية، وسنة 58 إنصاف البرعى أصبحت أول “قاضى” من السيدات فى الوطن العربى، وسنة 59 الأنسة رضا أول أمباشى فى الجيش وعزه إبراهيم أول عاملة بنزينة، وسنة 63 فاطمة عبد الله أول مهندسة مبانى، وماننساش بطلة حكايتنا الفتوة فاطمة الدرانية..
– الحاج أحمد
– إسم الله عليه.. إسم الله عليه
– فتوة بقوة
– إسم الله عليه.. إسم الله عليه
أيمن عثمان