…محمد العايدى.
لن انسى ابدا كلمة امي رحمها الله
عندما كانت تداعبني قائلة ” لو كان بأيدي ي محمد
كنت قطعت راسك وركبتها على جسم سليم”!
هههههه رحمك الله يا امي، فقد كنتي تظنين ان الله قد خلق بي نشاذا تكوينيا، وان رأسي اذا كانت ملحقة ببدن سليم لكان لي شأن عظيم يناسب عقليتي وملكاتي المتعددة، هذا على حد وصفها بكل تأكيد! .
ذات يوم، جلست منفردا بنفسي اتأمل امنية امي، وبعد تفكير عميق وجدت أن امي اخطأت في ظنها وامنياتها إذا كانت تحققت لما اصبحت محمد العايدي.
ذلك أن الله قد خلق كل شيء وقدره تقديرا.
وليس بخلق الله من فروج، بمعنى، ان الله سبحانه وتعالى
يخلق الروح في عالم الذر، ثم يختار لها البدن الطيني
المناسب للالتقاء بها والالتصاق بحراريتها لينتج سلوكا مناسبا للعنصرين معا، الروح والبدن! . الجدير بالذكر أن هذا السلوك
الناتج عن التقاء الروح بالبدن، بيسمى ( نفس).
مسؤولة عن نفسها وستحاسب وستجزى عن ما قد فعلت!
الإعاقة الإرادية! .
…..
قولت من قبل أن الإعاقة الحقيقة هي إعاقة الإرادة!
وجدت الجميع يصفق لي على مقولتي من دون أن يناقشني في معناها الحقيقي والمقصد منها. ولم اجد من يستفسر مني عن قصدي بأن الإعاقة الحقيقة هي إعاقة الإرادة.
كنت اقصد بهذا القول إن العجز عن التصالح بين الروح والبدن ينتج عنه اضطرابات نفسية وفكرية ومزاجية تؤثر على السلوك الطبيعي للمرء!
ويصبح من وجهة نظري ( معاق) .
لأنه يقدح جسمه فتقوم. روحه بمعاتبته ومعاقبته احيانا، عن طريق ( الكوابيس المفزعة)!. وأحلام اليقظة التي تخلق اضطرابات في السلوك اليومي وتؤثر على القدرة على
اتخاذ القرارات وعلى تحديد هوية الأشياء ومن ثم ايجاد
الكيفية للتعامل الموضوعي معها! .
بالله عليكم انسان يعاني كل هذه الإضطرابات كيف لا نعتبره معاق؟! .
هو بالفعل يملك كل ادوات الإعاقة التي تجعله عاجزة عن
استخدام الأدوات نفسها! .
وهذا ما قد هداني الله اليه عندما تأملت كلمة أمي.
ان الحق سبحانه وتعالى يختار لكل روح القالب الطيني
المناسب لها! فمثلا لولا اعاقة طه حسين البصرية، ما تولدت لديه دوافع اثبات الوجود بداخل الوجود جعلته يصبح
طه حسين العبقري الذي خرج عن كل نطميات المجتمع.
ولولا اصابة” فرانكلين روزفلت” بالشلل، لما اصبح رئيسا لأمريكا!
انه التصالح الذي لا يتولد إلا عندما تولد ارادة حرة مميزة
طليقة واعية.
وجودك بين عالم الأحياء تحيا مثلهم، لا يعني انك موجود
بالضرورة! .
واجهت نفسي بهذه الحقيقة المؤلمة في الواقع.
وقررت ان اصبح ليس مجرد حي يرزق يأكل ويشرب
وينام، بل اصبح إنسان موجود بالفعل على قيد الوجود!
الوجود يختلف عن الحياة ياسادة، الأحياء يملأون الأرض
أما الموجودون، فهم قليلون جدا!.
ليس كل موجود، موجود بالضرورة! .
اذن عليك بالسعي الدائم المستمر لإثبات وجودك هذا وإلا!
تصبح محسوب على عالم الأحياء،مجرد انسان ميت!
لا وجود له ولا قيمة من وجوده الغير موجود من الأساس!
الجميع من بني البشر يعمل على ( شاكلته)!
أي يعمل على حسب الشاكلية الروحية التي التقت بالبدن
الطيني المناسب لها فنتج سلوكا مناسبا لأن الالتقاء كان في الذر مناسبا لعناصر منتظمة مناسبة لبعضها البعض،
بمعنى ادق لماذا الخنزير خنزيرا؟! نقول
لأنه لا يناسبة سلوك الطواوس وهو بجسم خنزير!
فلأنه خنزيرا اختير له البدن الطيني المناسب الذي سيتطوع لخدمة سلوكه الخنزيري فيما بعد!
لماذا اختير له في عالم الذر؟!
نقول ” لأنه حيوان غير عاقل وليس لهو نفسية انسان
لكن البني آدم فقط وحده الذي اراد به ربه في عالم الذر
أن ( يختار الجسم المناسب له ولروحه)! .
……
هذا ما قد وصلت اليه بعد توقف مع الذات امام الذات
من اجل تحديد هوية الذات! .
انني لا يصح أن افكر مجرد التفكير في انه لو خلق لي
أرجل أمشي بها لكان شأني قد اختلف ولكانت منزلتي
قد ارتفعت بما يناسب فكري وملكاتي، لأنني وقتئذ اصلا
لن املك هذه الملكات ولا هذا العقل!
بل سيخلق لي عقل وملكات اخرى تناسب البدن السليم
تكوينيا، وبهذا نعرف ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق
بنا نشاذ لمجرد اننا لا نستطيع السير على ارجل، او لم نسمع
بأذن، او لم نبصر بأعين ناظرة، او لأننا قصار القامة.
فقد تكون قصير القامة، ولكن علي المقام والقيمة
والقامة! …
قال تعالى ” ياأيها الإنسان ماغرق بربك الذي خلقك
فسواك فعدلك في أي صورة ماشاء ركبك “.
صدق الله العظيم.
معنى ذلك أن الله لم يخلق نشاذ تكويني!