احتواء التخريب استراتيجية أساسية في التربية الإيجابية وتعد منطلقاً لوسائل وتقنيات تربوية يمكن عدها من أنجح المهارات التربوية لدى الوالدين والمربين.
وتكمن هذه الأهمية بالنظر إلى انتشار سلوك التخريب والتدمير لدى الأطفال لاسيما في سن الطفولة الأولى.
كيف نحتوي التخريب؟
كثيراً ما يجد الآباء أنفسهم ضحية الاستسلام لتخريب الأبناء أو اللجوء لوسائل غير مجدية لاحتوائه أو ضارة للجو الأسري الهادئ من مثل الصراخ والعقاب والغضب.
إن أول ما ينبغي التركيز عليه في عملية احتواء هذا السلوك أن تقابله بعملية تفكير أساسية تكمن في كون التخريب لغة يعبر من خلالها الطفل عن حاجة نفسية مثل إثارة انتباهنا واهتمامنا. ولذلك كان لزاماً مراعاة ما يلي:
أربع خطوات لاحتواء التخريب :
1⃣ لا تحكم : لا تطلق أحكاماً على ابنك وأنت تراه يقوم بعملية التخريب، تذكر أنك مربٍ ولست قاضياً.
2⃣ لا تركز على سلوك التخريب : فالتركيز على السلوك الخارجي يفوت عليك فرصة مساعدة الطفل وعلاج تصرفاته.
3⃣ ركز على فهم دافع السلوك : اسأل نفسك لماذا يخرب؟ متى يقوم بهذا السلوك؟ هل هناك مثيرات خارجية تؤجج هذا السلوك؟
4⃣ وراء كل سلوك نية إيجابية : ابحث عن النية الإيجابية في سلوك التخريب لتكتشف دافعه الإيجابي فقد يكون إبداعاً واكتشافاً أو تعبيراً عن ضيق نفسي أو مواهب يحاول الطفل تنميتة
التدخّل الإيجابي لاحتواء التخريب :
لا تخاصم ابنك الصغير .. بل أعنه على إعداد طبق فاكهة لك وله
تذكّر بداية موقفاً كنت أنت فيه من يقوم بعملية تخريب. ووجدت الطرف الآخر يتصرف إيجابياً ويحاول تهدئة الموقف وفي النهاية تم تجاوز المشكلة بسلام … كيف كان موقفك وشعورك يومها؟.. تعض أصابع الندم، تود لو أنك لم تفعل هذا، تقرر عدم العودة لهذا السلوك …
وبالمقابل لو أنّ الطرف الآخر لجأ للعنف والعقاب والصراخ والتأنيب والتنقيص منك لوجهت تركيزك للدفاع عن نفسك ورفض ما تتهم به ونسيت السلوك التخريبي الذي يعد محور ومنطلق ما يحدث. ولخرجت في آخر المطاف بشعور سلبي تجاه الآخر ناسياً سلوكك السلبي الذي كان سبب كل ما حدث.
الموقف الأول جعلك تكتشف خطأك وتعترف به وتقرر عدم تكراره، بينما الموقف الثاني جعلك تركز على خطأ الطرف الآخر وعنفه واتهاماته.
التوجيه الإيجابي :
التوجيه الإيجابي هو التعبير عما تريد من ابنك تعبيراً مباشراً بلغة محددة ونغمة صوت معينة.
وهو سلوك تربوي بديل عن لغة الترهيب والتخويف المبالغ في استعماله. كما أنه توجيه دقيق يدفع الطفل خطوة للاستجابة لو أحسنا استعماله.
من التعبير الدارج أن نقول لأبنائنا (من فضلك) وهي وإن كانت أسلوباً إيجابياً في مهارات الاتصال والحوار إلا أنها لا تؤتي أكلها في كل المواقف، لا سيما أمام سلوكيات التخريب التي تصدر عن الطفل.
لو قلت لابنك :
1- من فضلك ضع الأوراق المتناثرة في القمامة
2- من فضلك توقف عن الإزعاج!
3- من فضلك أحضر لي الجريدة
4- من فضلك أعد الملابس المتسخة إلى مكانها
بالتأكيد لو استعملت هذا الأسلوب في التوجيه ستحصل على نتائج إيجابية.
نتائج أفضل :
لكن من المؤكد أنك ستحصل على نتائج أحسن لو استعملت الأسلوب التالي :
1⃣ أريدك أن تعيد الأوراق للقمامة هكذا نكون متأكدين من التخلص منها ورميها.
2⃣ أريد هدوءاً الآن وبعد راحتي يمكنني الحديث معك!
3⃣ أحضر لي جريدة …. هكذا يمكننا أن نتصفح معاً القطوف الأسرية.
4⃣ أريدك أن تعيد الملابس المتسخة لمكانها.. هكذا نطمئن أنها ستغسل.
هذه أمثلة عن التوجيه الإيجابي الذي لو استعمل بشكل دقيق ومستمر لأعطى نتائج كبيرة في تعديل التخريب واحتوائه وكذلك السلوك المزعجك
كيف نمارس هذا التوجيه الإيجابيّ؟
التوجيه الإيجابي يعد توجيهاً وأمراً للطفل بلا مقدمات تزيينية، ويضمن لك استجابة الطفل لو مارسته بالشكل المطلوب وكنت متأكداً من استجابة الطفل.
1⃣ استعمل نغمة صوت فيها جدية وتحديد مع رفع
صوتك أكثر من المعتاد بشكل يسير .. مع الحذر ألا يكون صراخا.ً
2⃣ سمِّ الطفل باسمه .. ناده بالاسم، ثم وجه إليه التوجيه الإيجابي «أحمد (توقف قليلاً..) أريدك..».
3⃣ احرص على الاحتكاك والاتصال بالعينين.
4⃣ أعط أوامر محددة وليست فضفاضة : مثل (أريدك أن تعيد الملابس لمكانها) بدلاً من قولك (لا أريد أن تعبث بالملابس).
5⃣ من الأفضل أن تعطيَ التوجيه بالتدرج عبر مرحلتين. ابدأ توجيهك غالباً بالتعبير عما تريد (أريدك أن..).
المرحلة الأولى تعبير عن رغبتك، والثانية ربط الرغبة بشيء مهم (لنقرأ معاً – لنتأكد من غسل الملابس..).
6⃣ هنئ ابنك واشكره على الاستجابة بصوت هادئ مختلف عن صوت التوجيه، وهذا يُعزز سلوك الاستجابة للتوجيه الإيجابي.
7⃣ عبِّر عن محبتك للطفل لا سيما بعد أن يبدي تعاوناً واستجابة.
8⃣ امدح تعاونه وابتسم.
9⃣ أعط قواعد أولية ليعرف حدوده ويشعر بحريته أكثر.
وسنتحدث عن هذه القواعد الأولية في الخطوة المقبلة إن شاء الله.
خبرات مضيئة :
ربما يسيء الآباء المجهدون تفسير السلوك السيئ الصادر من الطفل.
في دراسة بحثية أجريت عام 1994، ثبت أن الآباء المكتئبين غالباً ما يصفون أطفالهم بألفاظ سلبية محملة بالعاطفة أكثر من الآباء غير المكتئبين.
يمكن أن يندرج مزاج الأب مع قدرته على أن ينظر إلى أطفاله بطريقة أكثر إيجابية، وقد كان الآباء المكتئبون في فترة العلاج قادرين على أن يغيروا وصفهم لأطفالهم إلى وصف آخر أكثر إيجابية.
ضع في اعتبارك أنك عندما تتحدث مع طفلك فإنك تنقل إليه رسالتين:
رسالة لفظية ..
ورسالة غير لفظية (عن طريق الإشارات والإيماءات وغيرها).
ويتمكن الطفل بين سن الخامسة والثانية عشرة بسهولة من قراءة ما تنقله له من رسائل غير لفظية.
فلو شعر بأنك غير مستريح للتحدث في أمر ما حتى وإن حاولت أن تبدو وكأنك راغب في الحديث، فقد يحجم الطفل عن الحديث عن هذا الأمر في المستقبل، فعليك إما أن تسترخي عندما تحادث طفلك، أو أن تجعله يدرك أن الأمر ليس سهلاً عليك، لكن من المهم جداً أن تناقشه، فبهذه الطريقة لن يكون على الطفل أن يقرأ ما بين السطور ويسيء فهم نواياك