إعداد/ محمد مامون ليله
قال الشيخ المكرم/ أحمد محمد علي حفظه الله:
(توحيد حروف النَفَس)
يذكر الشيخ الأكبر قدس الله سره موضع التوحيد الثالث من مواضع التوحيد الستة والثلاثين الواردة في القرآن وهو قوله -تعالى – : {الم ¤ الله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: ١] وهو توحيد حروف النَفَس وهو الألف واللام والميم، وهذا التوحيد من توحيد الابتداء، وله من أسماء الأفعال منزل الكتاب بالحق من الله المسمى بالحي القيوم، فبين أنه منزل الكتاب بالحق من الله المسمى بالحي القيوم، وهي منزل الأربعة الكتب يصدق بعضها بعضا، والكتب الإلهية وثائق الحق على عباده، فهي كتب مواثيقه، وتحقيق بما له عليهم، وما لهم عليه مما أوجبه على نفسه لهم فضلا منه ومنة، فدخل معهم في العهدة فقال – تعالى – : {أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} (البقرة: ٤٠) فأدخلنا تحت العهد أعلاما بأنا جحدنا عبوديتنا له، إذ لو كنا عبيدا لم يكتب علينا عهده فإنا بحكم السيد، فلما أيقنا بخروجنا عن حقيقتنا، وادعينا الملك، والتصرف، والأخذ، والعطاء، كتب بيننا وبينه عقودا، وأخذ علينا العهد، والميثاق، وأدخل نفسه معنا في ذلك.
ويرى الشيخ الأكبر قدس الله سره أن أصعب آية تمر على العارفين كل آية فيها أوفوا بالعقود أو العهود لما فيها من إخراج العبيد من حقيقة عبوديتهم لله وجعل لهم السيادة، فإن العبد إذا وفى حقيقة عبوديته لله لم يؤخذ عليه عهد ولا ميثاق، ألا ترى العبد الآبق يجعل عليه القيد؛ وهو الوثاق لإباقه، فهذا بمنزلة الوثائق التي تتضمن العهود والعقود التي لا تصح بين العبد والسيد.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.