بقلم: بهاء حفني
باديء ذي بدء أقول: هذا الموضوع من أخطر الموضوعات التي يجب أن يتطرق لها أهل العلم، وذاك أن ترك هذا الأمر بلا بيان سيفضي إلى ظهور الشذوذ الفكري في الأصول والفروع سواء العقدية أو الفقهية وغيرهما.
وجدير بالذكر أن أبين أن الفهم الأولي للأدلة وقع فيه كثير من الناس؛ فتغالوا فيما فيه التيسير وترخصوا فيما فيه التشديد بل وبدعوا الناس فيما فيه خلاف سائغ؛ وذلك لأنهم ليس لديهم الأدوات الكاملة لفهم النص، ولنضرب مثالًا على ذلك:
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»، صحيح مسلم (1/ 81).
تعالوا لنروا فهم هؤلاء لهذا الحديث:
إذا رأى أحدهم مسلمًا يضرب غيره بالعصا أو نحوها قالوا: أما وقد ضربته فأنت كافر، ولا يستبيحون السلام عليه ولا الصلاة خلفه.
ومع هذا فإن الأمر له ضوابط، ولا يجوز أن نكفر الناس جزافًا، قال النووي: “وأما معنى الحديث فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأما قتاله بغير حق فلا يكفر به عند أهل الحق كفرًا يخرج به من الملة … إلا إذا استحله” ا.هـ (شرح النووي على مسلم، ج2، ص54).
فحديث سيدنا رسول الله الآنف ليس على إطلاقه، فهو مقيد في السب بأن يكون السب بغير وجه حق، وأما القتال فلا يكفر به إن كان بغير وجه حق، إلا أن من فعل هذا فقد طمر إيمانه بكبيرة من الكبائر، ولا يكفر بها كفرًا مخرجًا من الملة.
وقد يكون القتال قتال تأول، قال تعالى: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا…”، فالآية وضحت أنه قد وقع الاقتتال، ومع ذلك لم يكفروا، بل قال الله تعالى: “من المؤمنين”.