إعداد/ محمد مأمون ليله
قال الشيخ المكرم أحمد محمد علي وفقه الله:
علم الإلهام والعلم اللدني
يرى الشيخ الأكبر قدس الله سره أن الإلهام هو ما يلهمه العبد من الأمور التي لم يكن يعرفها قبل ذلك، وهو عارض طارئ يزول ويجيء غيره، والإلهام بشكل عام لا يكون إلا في مادة، والإلهام قد يصيب وقد يخطئ، فالمصيب منه يسمى علم الإلهام وما يخطئ منه يسمى إلهاما لا علما؛ أي لا علم إلهام.
العلم اللدني هو العلم الموهوب الذي لا تعمل فيه بخاطر أصلا حتى لا يشوبه شيء من كدورات الكسب، وهو من منازل الأولياء المعنوية والمنحصرة في أربعة مقامات: مقام العلم اللدني، ومقام علم النور، ومقام علم الجمع والتفرقة، ومقام علم الكتابة الإلهية.
والعلم اللدني هو علم الخضر وامثاله الذي قال الله فيه: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: 65] اي آتيناه رحمة علما من عندنا وعلمناه من لدنا.فالعلم وإن كان شريفا فإن له معادن أشرفها ما يكون من لدنه؛ فإن الرحمة مقرونة به، ولها النفس الذي ينفس الله به عن عباده ما يكون من الشدة فيهم.
والعلم اللدني ثابت غير زائل ويُصيب دائما ولا يقع فيه خطأ وليس من الضروري أن يقع في مادة وهو نوعان:
النوع الأول: ما يكون في الطبع وأصل الخلقة والفطرة، كعلم الأطفال الصغار ببعض منافعهم ومضارهم، وعلم الحيوانات، وهو علم ضروري كما قال الله – تعالى – : ﴿وَأوحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ [النحل: 68].
والنوع الثاني:غير متقرر في أصل الخلقة والفطرة، وإنما هو العلم الذي تنتجه الأعمال، فيرحم الله عبده بأن يوفقه لعمل صالح فيعمل به، فيورثه الله من ذلك علما من لدنه لم يكن يعلمه قبل ذلك.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.