مسرحية من مشهدين
المشهد الأول :
استدعى السلطان عبد الحميد قنصل فرنسا وقال له :
أنا خليفة المسلمين عبد الحميد خان سأقلب الدنيا على رؤوسكم إذا لم توقفوا تلك المسرحية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم “.
وعند دخول القنصل قصر السلطان فوجيءٔ بارتدائهم الزي العسكري وصعق عندما رأى السلطان نفسه مرتديا ذلك !
فقال للسلطان : وصلت رسالتك سيدي !!
وعلى الفور أرسل القنصل للحكومة الفرنسية برسالة مفادها ( هذه الدولة مستعدة لدخول الحرب من أجل مسرحية .. اوقفوها فورًا ..! )
وبالفعل تم ايقافها.
ملحوظة : حدث هذا وكانت الدولة العثمانية في قمة ضعفها وقبيل انتهائها .
المشهد الثاني : (بعد مئة عام من المشهد الأول)
نشرت فرنسا رسوما مسيئة للرسول في الميادين الكبرى !
فقط …
لكن ليس هناك عبد الحميد ولا عبد الرحيم ولا عبد الكريم !
الغريب في الأمر أن يقوم رئيس دولة بالأمر المباشر بنشر رسوم مسيئة لسيد الخلق – صلى الله عليه وسلم – وهذا ما لم نره في العصر الحديث في أي دولة في العالم، مهما كان العداء للمسلمين، حتى إنها لم تصدر من إسرائيل نفسها وهي العدو الكلاسيكي اللدود للمسلمين!
ما يثير العجب أنه (استفزاز غير مسؤول) من (شخص مسؤول ) !
قد يزول العجب إذا عرفنا أن ماكرون تزوج (تيتة)بريجيت، وهي تنحدر من أسرة (روتشيلد) اليهودية الماسونية حيث تقرب منهم فصار أحد رجالهم، بعد أن تم الدفع به في دهاليز السياسة من بوابة رأس المال الماسوني المسيطر علي فرنسا حين انضم لطاقم موظفي قصر الإليزيه عام 2012 ، ثم فجأة أصبح وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس فرانسوا أولاند السابقة !
فهو لم يتزوجها لسواد عيونها التي لم يعد أحد يعرف لونها الحقيقي بفعل عشرات السنين التي مرت على تلكم الحيزبون، إنما لتطلعاته الخاصة، وطموحاته التي أوصلته إلى ما وصل إليه وصار واجهة تحكم من خلالها الماسونية دولة من أقوى دول العالم .
وبالطبع وصل إلى الحكم وهو مشبع بتلك الأيديولوجية الصهيونية الماسونية، ويريد أن يثبت لعائلة زوجته التي صار خادما لها أنه جدير بثقتهم، ويريد تثبيت دعائم كرسيّه بمسامير من إجراءات تكريس الكراهية ضد كل ما هو مسلم .
(هل أدركنا الآن مغزى عنوان المقال ؟)
فمُنذ أنْ صعد ماكرون إلى العرش في قصر الإليزيه، وشُغله الشّاغل دائمًا هو التّطاول على الدين الإسلامي بطريقةٍ استفزازيّةٍ غير مسبوقة، منها أنه يتحدث عن الإسلام بوصفه “الإرهاب الإسلامي” مرورا بتصريحه الشهير بأن “الإسلام في العالم يعيش أزمة” حتى إطلاق العنان لكارهي الإسلام بنشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم ! ما يصاعد سياسة صناعة الخوف وتكريس “الإسلاموفوبيا” في العالم الأوروبي، لمداعبات انتخابية للشعب الفرنسي، بعد تراجع أسهمه مُقابل اليمين الفرنسي هذه الأيّام.
المراهقة السياسية التي يمر بها ماكرون قد تدفع إلى مزيد من المشكلات في الشأن الأوروبي فالمسلمون في فرنسا عددهم بالملايين من مواطني فرنسا نفسها ومن الوافدين عليها من المقيمين على أرضها، ولن يفلح معهم اختيار ماكرون وزيرًا مُتطرّفًا عُنصريًّا للداخليّة من كارهي الإسلام وأحد ضحايا الإسلاموفوبيا حين يُعارض وجود أقسام خاصّة في المحلّات التجاريّة الكُبرى للطّعام “الحلال”، بينما لا يعترض مُطلقًا، وعلى مدى عشرات السّنين لوجود قسم خاص للطّعام اليهودي ! ولا إغلاق مئات المساجد والمدارس والنوادي الإسلامية من إخضاع ملايين المسلمين بفرنسا ، فقد يشعل فتيل أزمة تستمر لسنوات .
في الحقيقة إن عداء فرنسا للعالم الإسلامي له جذور تمتد من الحملات الصليبية التي استمرت قرنا من الزمان واحتلالها العالم الإسلامي، ولا ننسى تدنيس الجامع الأزهر بخيول نابليون بونابرت، وما فعله بالمصريين في محاولته إخماد ثوراتهم ضده كمستعمر، وكذلك حملاته على بلاد الشام،/ تلاها بعشرات السنين مجازر فرنسا في المغرب ومنها مجزرة الدار البيضاء حين سقط المئات من المغاربة بين شهداء وجرحى، واعتقل العديد من الوطنيين والنقابيين والمناضلين، فضلا عن قتل فرنسا نحو مليوني جزائري، وفرضت على الجزائريين قانون الأهالي (القتل لكل مقاوم).
كما أنها كانت السند والحليف الأكبر لسفاح الصرب في حربه ضد المسلمين في البوسنة التي نجم عنها مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من المسلمين الآمنين، وإلى الآن ما تزال تساند الميليشيات المسلحة في إفريقيا الوسطى وإثارة حرب قبائل الطوارق في مالي وغرب إفريقيا .
الغريب في الأمر أن فرنسا دوما تتشدق بأنها بلد الحريات وأنها صاحبة أعظم ثورة في التاريخ وأعني الثورة الفرنسية الشهيرة اللتي رفعت شعار المساواة والحرية ليكشف لنا الوجه الحقيقي لفرنسا المدعية التي لبست قشرة الحضارة والروح جاهلية .
وفي الحقيقة ما أقدم ماكرون على ما أقدم عليه من الإساءة إلى النبي إلا لثقته التامة في أن المسلمين نائمون يغطّون في سبات عميق، وأسمع شخيرهم القاصي والداني، فلم يعد هناك من لا يشك في أن هذه الأمة لن تحرك ساكنا .
وفي الحقيقة أن العرب والمسلمين رغم ضعفهم يستطيعون فعل الكثير على المستوى السياسي وعلى مستوى الشعوب، وإذا كنا لا نعوّل كثيرا على التحرك السياسي من الدول الإسلامية على المستوى السياسي، فعلى الأقل لدينا سلاح الاقتصاد وسلاح الكلمة من خلال المنابر الإعلامية، وسلاح الدعاة الذين وجب عليهم في هذا الوقت أن يشحذوا عزائمهم ويشمروا عن لسانهم للدفاع عن سيد الخلق بالكلمة، ورجال الأعمال والمستثمرون يستطيعون فعل الكثير.
أعجبتني المبادرات الفردية من بعض المتاجر بالكويت والدول العربية بمقاطعة المنتجات الفرنسية، والتي أراها خطوة على الطريق الصحيح، كما فعل المسلمون منذ سنوات مع الدانمرك وكبدتها خسائر فادحة، أشعرت العالم الأوروبي أن المسلمين قوة لا يستهان بها، حتى وإن لم يتم التحرك السياسي .
إن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم عند المسلمين ليست شخصية عادية؛ فهو لنا هو القدوة وهو رمز لتلك الأمة التي سادت العالم لقرون مضت ويشكلون اليوم خمس سكان العالم، وهو من أخرج العالم من الظلمات إلى النور وستظل تعاليمه إلى يوم القيامة وسيرته العطرة منهلا لكل القيم الراقية حتى تقوم الساعة ، (بأبي أونت وأمي يا رسول الله) .
وماذا بعد ؟
كل فترة تثار مثل هذه الهجمات الشرسة على المسلمين من حين لآخر، والمبادرات دوما من الشعوب .. لماذا نجد رغبات شعوبنا في واد والحكام يعيشون في واد آخر ؟
لماذا نجد رغبات شعوب العالم المتقدم تتوافق مع رغبات الحكام وحكام المسلمين دائما تشغلهم قضايا لا علاقة لها بطموحات شعوبهم ؟
أين جامعة الدول العربية ومنظمات العالم الإسلامي ؟
أين وأين وأين ؟
وكالعادة ستظل الـ (أين) سيدة الموقف