بحكم دورها وتكوينها من المفترض أنها أرقى البيئات وأنقاها لأن أصحابها هم حملة أسمى وأشرف الرسالات ، نعم فالبيئة التعليمية هى المنبت الأول لأبنائنا فهى وبحق صانعة مجد الماضى ونهضة الحاضر وأمل المستقبل لكن ومع شديد الآسف باتت البيئة التعليمية اليوم بيئة منتجة لكل المتناقضات البشرية والسؤال – ما بالنا اليوم نجد المعلم مثقلا بهمومه !؟ كالا مما يحمله ! حتى بات مشغولا بما لايجب عما يجب ! ما بالنا بتنا نرى المشاحنات والمكائد تلقى بظلال ثقيلة على العلاقات بين بعضهم البعض حتى أصبحت الصراعات والدسائس تسود علاقاتهم ” إلا من رحم ربى ” والسؤال – هل غاب عن بعضهم وسط هموم الحياة وأعبائها وتراجع الفطرة النقية فى نفوسهم سمورسالتهم و مهمتهم الأساسية فى إعداد أبناء الوطن وتشكيل وجدانهم وعقولهم هذه التساؤلات تقودنا للبحث عن دور مؤسساتنا التربوية والاكاديمية المسئول الأساس عن تراجع آداء المعلم وتواضع مهاماته فمتى تضطلع تلك المؤسسات بأدوارها لتقيل عثرته وتعيد له مجد رسالته !؟ تزاجمت تلك التساؤلات الحائرة فى رأسى فلم أجد لى أنيسا سوى التدبر والتأمل فى تلكم القصة علها تكون نور وهداية لما يجب أن يسود فى البيئة التعليمية من مناخ صحى من الأخوة والترابط فإليك عزيزى القارىء قصة من حياة ومواقف صانع النهضة الماليزية ذلك الرائع إخلاصا وصدقا فى مهمته إنه ” ماهتير محمد ” تبدأ أحداث الموقف الشاهد عندما كان (مهاتير محمد) وزيراً للتعليم في (ماليزيا)، حلَّ ضيفاً على مدارس “كوبانج باسو” في حفل آخر السنة، وكعادته فإنَّ مهاتير محمد يُفكر خارج الصندوق، ويرفض أن يكون جزءاً من الإجماع ! أخبرَ المعلمين بأنه سيجري لهم مسابقةً وإن كان حفل التخرج للتلاميذ ! لقد وزَّع على المعلمين بالونات، وطلبَ من كل معلم أن يقوم بنفخ بالونه ثم يربطه بشريط صغير في رجله، وبالفعل قام المعلمون بتنفيذ طلب وزير التعليم ! عندها شرح مهاتير للمعلمين طريقة المسابقة، قائلًا : سأعطي جائزةً لكل معلم يحافظ على بالونه سليمًا، معكم دقيقة واحدة، ابدؤوا ! عندها هجم المعلمون على بعضهم البعض كل واحد منهم يحاول أن يفقأ بالون زميله ليفوز بالجائزة ! وبعد مضي الدقيقة المحددة، انتهت المسابقة وقال لهم مهاتير : ” لم أطلبْ من أحد أن يفقأ بالون زميله، قلتُ احتفِظوا ببالوناتكم، ولو أن كل واحد منكم بقي واقفًا مكانه دون أن يأخذ قرارًا سلبيًّا تجاه زميله، لبقيت كل البالونات سليمة، ونال الجميع الجوائز ! ” هناك يكون الدرس وتكون العبرة من منهج مهاتير محمد والذى يصلح أن يكون درسًا للعمر كله – فما مشكلتنا إذا؟ – إن المشاكلة الأساس في هذه الحياة ” أننا ننظر دائما إلى الآخر على أنه مصدر إزعاج لنا، وكأننا في منافسة محمومة عنوانها : أفوزُ وحدي أو فليخسر الجميع !” لذا يجب أن نسوق تلك الحقيقة التى تقول : ” إن تكسيرك لمجاديف غيرك لا يزيد من سرعة قاربك !” فعلينا أخى المعلم أن تؤمن بـأنه ” إذا أردت أن تكسب السباق عليك أن تعمل على تحسين مهاراتك وقدراتك بدلا من أن التفكير بإسقاط غيرك ! ” فإسقاط سمعة الآخرين لا ترفع سمعتك ! – وإطفاء شموع الآخرين لا يزيد وهج شمعتك ! الخلاصة أن رسوب الآخرين لا يعني أنك ناجح ! فعليك أيها الزميل المعلم ألا تُفكر فقط في أن تكون أفضل من الآخرين، بينما الصواب أن تقارن نفسك بنفسك ! وتحاول أن تكون اليوم أفضل منك في البارحة، وتكون في الغد أفضل منك اليوم ! * عليك أخى أن تؤمن بأن القاع كما يتسع للكثيرين، فكذلك القمة ! فليست حكرا على رجل واحد ! علينا أن ندعم بعضنا البعض، أن نمد أيدينا للمتعثرين، ونرشد التائهين، وننصح، ونبادر، ونساند، ونبني جسوراً للوصل، لا سدوداً للفصل ! علينا بسيرة رسولنا القدوة المعلم الأول للبشرية وليكون الإيثار الإيثار لا الأثرة فما أرقى خلق الإمام الشافعيّ يوم أن قال ، كما ورد في كتاب (الفقيه والمتفقه) للخطيب البغدادي : ما ناظرتُ أحداً قط إلا وتمنيتُ أن يُوفق ويُسدد ويُعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ، ولم أبالِ بيَّنَ الله الحقَّ على لسانه أو على لساني !