إعداد/ محمد مأمون ليله
العقل ومعرفة الله
قال الشيخ المكرم/ أحمد محمد علي وفقه الله:
يرى الشيخ الأكبر قدس الله سره أن العقل يدرك المعلومات باحدى القوى الحسية الخمس: الشم، والطعم، واللمس، والسمع، والبصر. فالبصر يدرك الألوان والأشخاص على حد معلوم من القرب والبعد. فالذي يدرك منه على ميل غير الذي يدرك منه على ميلين، وهكذا سائر الحواس في مدركاتها من القرب والبعد، والحق سبحانه ليس بمحسوس فليس بمدرك بالحس في طلب المعرفة به.
وأما القوة المفكرة فلا يفكر الإنسان إلا بما تلقاها من جهة الحواس، ولا مناسبة بين الله وبين خلقه ، فلا يصح العلم به من جهة الفكر، ولهذا جاء المنع من التفكر في ذات الله.
وأما القوة الخيالية فإنها تضبط على ما أعطاها الحس من صور، وإما على ما أعطاها الفكر من حمله بعض المحسوسات على بعض، فلم تبرح هذه القوى كيفما كان ادراكها عن الحس البتة، وقد بطل تعلق الحس بالله وبالتالي بطل تعلق الخيال به.
وأما القوى العقلية فلا يصح أن يدركه العقل، فإن العقل لا يقبل إلا ما علمه بديهة أو ما أعطاه الفكر، وقد بطل ادراك الفكر له فقد بطل ادراك العقل له من طريق الفكر.
وأما القوة الذاكرة فلا سبيل أن تدرك العلم بالله فإنها إنما تذكر ما كان العقل قبل علمه ثم غفل عنه أو نساه وهو لم يعلمه فلا سبيل للقوة الذاكرة إليه.
فما بقى إلا قبول العقل ما يهبه الحق من معرفته وهذا لا يكون إلا بنور الإيمان وبه يدرك كل شيء ما لم يقم مانع، فبنور الإيمان ينور العقل وبه يصل إلى المعرفة الإلهية وما نسبه الحق إلى نفسه من النعوت، فلا سبيل إلى المعرفة الإلهية إلا بالتعريف الإلهي في كتابه وبلسان رسوله.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل