كتب محمد عبد الله سيد الجعفرى
النظم الرسمية والاقتصادية، كان بايدي البشر على مر العصور من أجل خدمة الإنسان، ومن أجل تدعيم أركان الدولة، وحماية مقدراته، وصون حقوق المواطن، وإتاحة حياة كريمة لشعب الفقير الشعب الاصيل الذى تحمل الكثير والكثير. ، لكن عندما تجعل هذه الأنظمة حياة المواطن جحيمًا، وتضع الدولة فى ورطة، وتكون سببًا فى عدم حدوث الاستقرار المطلوب للدولة، إذا ما وقع كل هذا فلا بد من إلقاء هذه الأنظمة والقوانين فى البحر، وتشريع قوانين أخرى تحفظ للوطن والمواطن كيانه، وترسخ أقدام العدالة والحق للقضاء على غول. التجارالفاسدين اصحاب الزمم الرخيصة مصر تعيش حالة غريبة من انفلات. فى أسعار جميع المنتجات ، خاصة الغذائية والصناعية، والمعدات والأجهزة الكهربائية، سواء محلية الصنع أو مستوردة، وهذا الغلوّ ليس نتيجة ارتفاع أسعارها عالميًا أو نتيجة لارتفاع سعر الدولار بعد قرار تعويم الجنيه، بل بسبب وحش الجشع الذى تلبّس أرواح التجار والمستوردين لهذه السلع، وكذلك المنتجين المحليين، الذين أصابهم مرض رفع الأسعار بشكل جنونى وغير واقعى بالمرة! فقد امتدت هذه الظاهرة إلى عدد من الأجهزة الحكومية، التى قامت هى الأخرى برفع رسوم بعض الخدمات، وارتفعت قيمة أتعاب أصحاب المهن المختلفة، كالأطباء والمهندسين والمحامين، والعمال كالبناءين والسباكين والنجارين والنقاشين، حتى حفارى القبور وغيرهم من أصحاب المهن التى لا تتعامل بالدولار رفعوا أجورهم، مما تسبب فى حالة إرهاق شديدة للمواطن المغلوب على أمره.لقد رفع هؤلاء الأسعار بدون مبرر حقيقى، وغير معروف سبب هذا الارتفاع، لدرجة أنك قد تجد سلعة فى السوبر ماركت بثمن ما، وتجدها بسعر آخر فى السوبر ماركت المجاور له، بل وصل الأمر من الجنون إلى أن تجد نفس السوبر ماركت يبيع لك السلعة بسعر وفى اليوم التالى يبيعها بسعر مختلف تمامًا، نفس الحكاية يقوم بها أصحاب المهن المختلفة، كل واحد منهم يتعامل بسعر مغاير، ولا أحد يعرف وسط هذه الفوضى، أين هى الأجهزة الرقابية التى تمارس حقها فى الرقابة على السلع أو الأسواق للوقوف على السبب الحقيقى للارتفاع الجنونى فى الأسعار.فمن فرط الفوضى والارتباك تعالت فى الآونة الأخيرة أصوات تطالب بالتصدى لهذا الانفلات فى الأسعار، فقد أثبتت الأيام أن الأسعار إذا ارتفعت لأى سبب حتى لو كان طارئًا لا تعود إلى ما كانت عليه فى السابق.ورغم تعدد الآليات والأساليب التى يمكن أن يلجأ إليها المواطنون للتصدى لهذه الظاهرة مثل مقاطعة شراء السلع، أو زيادة منافذ البيع عن طريق المجمعات الاستهلاكية، إلا أن الآليات كلها لم تضع حدًا لهذه الفوضى ولم توقف طمع وجشع التجار.كما أنه ثبت بالدليل القاطع أن حملات مباحث التموين التى تراقب الأسواق لم تستطع أن تضع حدًا لهذا الارتفاع غير المبرر فى الأسعار، خاصة أنه لا توجد تسعيرة جبرية، وأن السلع يتم بيعها عن طريق العرض والطلب، ولم يتم تحديد نسبة الأرباح على بيع السلع ما دامت الأسعار الاسترشادية غير ملزمة بالمرة.إنّ الأمر يحتاج إلى وقفة حقيقية من الدولة بعد أن تفاقمت أزمة الأسعار إلى حد أصبح لا يمكن السكوت عنه، وأصبح الحل الأجدر، ولو مؤقتًا، هو اللجوء إلى التسعيرة الجبرية، كما كانت فى الماضى، أقول فإننا فى مصر نعيش حاليًا حالة حرب اقتصادية لم يسبق لها مثيل، وأحيانًا فى مثل هذه المواقف تحتاج الدول إلى اللجوء إلى الحلول الجذرية، فإن الحل الحقيقى فى رأيى هو فرض التسعيرة الجبرية، والتى يمكن أن تلجأ لها الدولة لفترة ولو قصيرة عامًا مثلا أو عامين، ومن يخالف هذه التسعيرة يتم تغريمه مبالغ كبيرة، ويمكن أن تمتد الغرامة لتشمل عقوبة الحبس فى بعض الأوقات، حتى نستطيع الخروج من هذه الأزمة التى يكتوى بها رجل الشارع، سواء الفقير أو حتى الغنى.المصريون يحتاجون إلى أجهزة رقابية فاعلة، تستطيع أن تسيطر على الأسواق وتراقبها بشكل قوى، تحتاج إلى مَن يصدر قرارات تحمى جيوب المصريين الفقراء والمرضة أين هى الدولة والقانون