قال تعالى {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..} [الشورى:19]
فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، قال تعالى:
{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]، وقال لقمان لابنه وهو يعظه:
{ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }
ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير .. فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير .. وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض .. والله تعالى يقول
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
يقول ابن القيم “ما يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ.
وكذلكَ ما فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ من الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ مِحَنٌ وابتلاءٌ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم”
#اللطيف هو الذي ييسر للعباد أمورهم ويستجيب منهم دعائهم، فهو المحسن إليهم في خفـــاء وستر من حيث لا يعلمون ..
فنعم الله تعالى عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادُّون ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }
، وقال سبحانه: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}
، كما أنه يحاسب المؤمنين حسابًا يسيرًا بفضله ورحمته، ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته.
#اللطيف الذي لطف عن أن يُدرك، وهو لطف الحجاب لكمال الله وجلاله ..
فإن الله لا يُرى في الدنيا لطفًا وحكمة، ويُرى في الآخرة إكرامًا ومحبة .. ولذلك قال عن رؤية الناس له في الدنيا:
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ..}
وقال سبحانه: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ }