د. هالة الجبالي.
من وحي هذه الرؤى، نادى المختصون في النشاطات المدرسـية كافة، على وجوب ترك التلميذ حراً يقوم بالنشاط الذي يريده دون
أن يحده مانع، أو فصل، أو مادة دراسية معينة، أو حتى مدرس، فإن ما يقوم به التلميذ من أوجه نشاط يتخللها تعلم تلقائي سيوصله إ لى المستوى المنشود .
من جهة أخرى يرى فريق من المربين، أن تطبيـق
مبدأ التعلم عن طريق النشاط – أي نشاط – على حـساب المـادة التعليمية، فيه مغالاة، تصل إلى حد إهمال المادة التعليميـة تقريبـاً، ووضعها في مرتبة ثانوية بالقياس إلى رغبـات التلميـذ ونـشاطه
الجسمي .
كما تتمثل هذه المغالاة أيضاً، في سلبية موقف المدرس نفـسه ، مقابل موقف التلميذ الإيجابي من عملية التعليم والتعلم
ولم يكن أمراً غريباً أن يصدر هذا من بعض المربين، لأن هذه المباديء كانت ثورة على أصحاب الفريق الآخر ، الذي لا يرضى بغير المـادة والفـصل بديلاً، غير أن هذا العناد، لم يلبث أن خفت حدته، وأخذ كثير من
المربين يقف موقفاً يوفق بين المادة العلمية والتلميذ تمثل هذا الاتجاه الجديد في المناداة باختيار المادة الـتي تناسـب التلميذ، ومستوى نضجه، والاتصال بحياته ، وما يمكنه الاستفادة منها في تكيفه وتكييفه للبيئة التي يعيش فيها، كما تمثل في المناداة بأن الفرد ليس مجرد شحنة من النشاط الذي ينطلق كيفما شاء، أو أنه مجموعة من الميول المستغلة التي يترك لها الحبل على الغارب، وإنما هو كـائن حي ينمو في إطار جماعة معينة، وهذا النمو يجب أن يسير في اتجـاه
مرغوب فيه بالقياس إلى الغايات المشتركة بين أفراد الجماعة ، ولكي يتحقق هذا النمو في الاتجاه المرغوب فيه، يجب أن يتـزود التلميـذ بخبرات مفيدة، عن طريق النشاط الموجه المربي، من جانب كل مـن
المنزل والمدرسة والمجتمع.
*اهمية النشاط المدرسي*
إن النشاط خارج الفصل ، لا يقل قيمة عمـا يحـدث داخـل الفصل، تتحقق فيه الأهداف التربوية المنشودة الآتية :
– النشاط مجال حيوي لتعبير التلاميذ عن ميولهم، وإشـباع حاجاتهم، التي إذا لم تشبع قد تؤدي إلى جنوحهم وميلهم للتمـرد،
وضيقهم بمدرستهم .
ذلك أن النشاط بأنواعه يدعم الصحة النفـسية
للتلاميذ في المدرسة .
فمن بين أجهزة المدرسة التي تستطيع أن تقـوم
بدور بارز مؤثر في مواجهة حاجات التلاميذ النفسية بوجـه عـام ،وحاجاتهم الانتمائية بشكل خاص، جمعيـات النـشاط المدرسـي المختلفة
من المعروف أن الحاجات الانتمائية تلح على الفـرد إلحاحـاً شديداً، فالفرد يسعى لإشباع هذه الحاجة الفطرية، بإقامة علاقـات
اجتماعية، يؤكد فيها مدى تقبله في مجتمعه وانتمائه له .
وإذا لم تتوفر له سبل الإشباع التي يرضى منها المجتمع ، فقد يلجأ إلى وسائل أخرى – غير مرغوب فيها في مجتمعه الـصغير أو الكـبير – لإشـباعها
كالانضمام إلى جماعة متطرفة ، أو إلى عصابة من العصابات المناهضة
– يتعلم التلاميذ خلال هذا النشاط أشياء يصعب تعلمها في الفصل، فبهذا النشاط يمكن أن يتزود التلاميذ بالمهارات والخـبرات الاجتماعية والخُلقية والعلمية والعملية ، التي لا يتـسنى لهـم غالبـاً اكتسابها بين جدران الفصل، مثل التعاون مـع غيرهـم ، وتحمـل
المسؤولية، وضبط النفس، والإسهام في التخطيط، واحتـرام العمـل اليدوي، إلى غير ذلك مما يجعل شخصيات التلاميذ ناضجة مسؤولة واعية .
– النشاط وسيلة لتنمية ميول التلاميذ ومواهبـهم، وفرصـة للكشف عن هذه الميول والمواهب ، يعين على تـوجيههم التوجيـه التعليمي والمهني الصحيح .
– النشاط يثير استعداد التلاميذ للتعلم ، ويجعلهم أكثر قابلية لمواجهة المواقف التعليمية، واكتساب ما تقدمه المدرسة لهم
– النشاط المدرسي يهيئ للتلاميذ مواقف تعليمية شـبيهة بمواقف الحياة، إن لم تكن مماثلة لها، مما تترتب عليه سهولة اسـتفادة التلميذ مما تعلم عن طريق المدرسة والمجتمع الخارجي ، وانتقال أثر ما
تعلم إلى حياته المستقبلة .