كتب خالد شاطر
لأن أسوان ذات طابع خاص، فإن مشاهير العالم تجذبهم رمالها الساخنة، وطبيعتها الأخاذة، وقد عشقها كثيرون.. حتى الأغاخان بنى فيها قصره ثم مقبرته، ذلك فى وقت شهدت فيه المدينة صورة أخرى من العشق الملكي، من قبل ولى عهد اليابان، الأمير الراحل تاكامادو، إذ قضى أسعد أيامه فوق جزيرة سالوجا وغزال بجنوب أسوان. وتخليداً لذكراه أقامت اليابان مركزاً يفتتح خلال أيام بالجزيرة يحكى قصة حب لطبيعتها البكر والطيور القادمة من صقيع الشمال لأحضان دفئها.
«سالوجا وغزال» واحدة من أجمل المحميات الطبيعية، وأصغرها حجماً، وبرغم وجودها بقلب نيل جنوب أسوان على بعد 1300 كم من القاهرة.. فإن طيور الشمال تعرف الطريق إليها قاطعة آلافا من الأميال مهاجرة إلى الدفء والجمال فى قلب نيل أسوان.
والجزيرة الصغيرة التى تحولت إلى محمية طبيعية عام 1986 لا تزيد مساحتها على 55 كيلو مترا، وتموج بالجمال الذى صنعته تركيباتها الجيولوجية، بجانب 94 نوعاً من النباتات دائمة الخضرة، وهى النباتات الخاصة بجزر النيل، التى لا تنبت خارجها، ومن أشهرها شجر السنط والطلح والليث والحنظل والسنامكى والسواك.
مراقبة الطيور
أما قصة الجزيرة مع الطيور فإنها شبه أسطورية، إذ يعيش فوقها 60 نوعاً من الطيور النادرة المهددة بالانقراض، وأشهرها «أبو منجل الإسود»، الذى اتخذ رمزاً للمحمية، «وطيور العقرب النسري»، ودجاجة الماء الأرغوانية، وطائر الواق، والهدهد، وعصفور الجنة، ومن الطيور المقيمة: «الحبارى والصقور والحجل والبط والنعام».
كما تستقبل الجزيرة العشرات من طيور الشمال الهاربة إلى أحضانها الدافئة ثم تودعها مع حلول الربيع.
وقد تم رصد 138 نوعاً من الطيور المقيمة والمهاجرة، فيما تضم الجزيرة المحمية أيضاً أنواعا من النباتات الباقية من نباتات وادى النيل التى ذكرت فى الأساطير القديمة والمرسومة على جدران المعابد المصرية القديمة.
كل هذه العوامل صنعت من الجزيرة موقعاً فريداً باعتبارها واحدة من أهم المراكز السياحية «لمراقبة الطيور»، التى تجذب كل عشاق هذا النوع من السياحة المراقبة، وكان أشهرهم الأمير الراحل «تاكامادو»، ولى عهد اليابان، الذى كان يعشق ممارسة هوايته المفضلة فى مراقبة الطيور النادرة فوق الجزيرة، وظل سنوات يكرر زيارته لها، حتى أصبح وجوده فيها يمثل نوعاً من العلاقة الخاصة.
وعقب وفاته حرصت اليابان على إقامة مركز زوار الأمير «تاكامادو»، تخليداً لذكراه، ورمزاً لمجهودات جمعية الصداقة المصرية اليابانية فى حماية البيئة.
وكما تؤكد زوجة الراحل: يهدف إنشاء المركز أيضاً إلى تدعيم العلاقات المصرية اليابانية، ورفع الوعى البيئى لطلاب المدارس المصرية، ووضع المحمية على الخريطة السياحية العالمية، خاصة لهواة سياحة مراقبة الطيور النادرة التى تموج بها الجزيرة.
اليابانيون قادمون
ويشرح اللواء مجدى حجازي، محافظ أسوان، ملامح المركز الذى يخضع الآن للتشطيبات النهائية، تمهيداً لافتتاحه خلال أيام، إذ يرتفع فى قلب الجزيرة بتمويل يابانى يصل إلى نصف مليون دولار.
ويضم المركز قائمة عرض للتنوع البيولوجى النادر الذى تشتهر به، بجانب صالة عرض مقتنيات مصورة للأمير الراحل، ومتحف للمحنطات الخاصة بالطيور والحيوانات البرية التى تعيش بالمحمية، وكذلك معامل للبحث العلمى واستراحات، حيث روعى أن يكون المركز صديقاً للبيئة، بإدارته بالطاقة الشمسية.
وكانت زوجة الأمير الراحل قد قامت فى يوليو عام 2009 بإزاحة الستار عن «نصب تذكاري» فوق الجزيرة بالموقع المحبب إلى الأمير نفسه بحضور السفير الياباني.
كما شهدت مصر عقب الزيارة الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى اليابان تقاربا سياسيا مهما بين البلدين، نتج عنه، كما يشرح محافظ المدينة، دراسة تنظيم رحلات شارتر مباشرة من مدن اليابان لأسوان، بجانب التوسع فى تطبيق نموذج التعليم اليابانى بمدارس المحافظة، علاوة على تحديد 6 مواقع لإنشاء مدارس جديدة بالمحافظة طبقاً للنموذج الياباني، للاستفادة من التجربة التعليمية اليابانية.