بقلم محسن عليوة
قبل أن نتحدث عن الخُلق أو الأخلاق لابد لنا أن نقف على معنى الأخلاق لغة واصطلاحاً فالأخلاق فى اللغة جاءت كما يلى :
الخُلق بسكون اللام وضمها بمعنى السجية ، قال ذلك الجوهرى فى مختار الصحاح
و قد جائت عند الفيروزآبادى ، الخُلق بالضم بمعنى السجية والطبع والمرؤة والدين
والمعنى الاصطلاحى للأخلاق :
وجدت أن هناك عدة أقوال فى معنى الأخلاق عند الفلاسفة والمفكرين قديما وحديثاً ، ومنها :
أن الخُلُق : حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية ، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين : منها ما يكون طبيعياً من أصل المزاج ، ومنها ما يكون مستفاداً بالعادة والتدرب .
وعند أبى حامد الغزالي أن الخُلُقَ عبارة عن هيئة فى النفس راسخة ، تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر ، من غير حاجة إلى فكر وروية .
ثم بين أبى حامد أن الخُلُق منه ما هو حسن وما هو قبيح ، فإن كان الصادرعن النفس فعلاً جميلاً محموداً عقلاً وشرعاً سُميت تلك الهيئة وذاك الفعل خُلُقا حسناً ، وإن كان الصادر عنها فعلاً قبيحاً سُمى خُلقاً سيئاً.
و الأخلاق هى عنوان الشعوب ، وقد حثت عليها جميع الأديان، ونادى بها المصلحون فى كل زمان ومكان فهي أساس الحضارة، ووسيلة للمعاملة بين الناس وقد تغنى بها الشعراء فى قصائدهم وكان أشهرها ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقى { إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …. فـإن هُمُ ذهبت أخـلاقهم ذهــبوا }
و الأخلاق من الصفات الجميلة التى يجب أن يتصف بها الإنسان السوى عن غيره وهى أساس سمو النفس ورفعتها وأساس كل فضيلة ورُقى ، ولكى نرتقى بأخلاقنا فلابد لنا أن نسموا بأرواحنــــا ونرتقى بها عن صغائر الأمور وعن كلّ ما يخدش نقائهـــــــا ، وأن نحترم ذاتنا و نحتـــــرم الأخرين وعندما نأمـر ، نأمر برفق وحين ننصح ننصح بودّ وحين نطلبُ نطلبُ بصبر وحين نأخذ نأخذ بلا طمـع وحين نتحدّث نتحـــدّث بعمــق وحين نعتذر نعتذر بصدق وحين نغضــب نغضــب بصمت وحين نعـاتب نعـاتب بـ سعة صــدر وحين نصفــح نصفـح بلا ذكــر وحين نعطى نعطى بلا حســاب فإن جـــاء وقــت الرحيـــل تركنــا وراءنا كلّ أثــر جميــل بالرُقى باخلاقنا لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال { ما من شىء أثقل فى ميزان العبد يوم القيامة من حُسن الخلق}
و علينا لنرتقى بأخلاقنا أن نعى دائماً أن نجتمع على المحبة فى الله ونفترق على ذلك وعلينا أن نتحلى بمكارم الاخلاق فى التعامل فيما بيننا وبين بعضنا إذ أنه ليس من اللائق أن نعمل على ترك آثار جارحة كل منا للأخر بإلقاء بعض الكلمات التى لا تليق ، و علينا أن ننمى سُبل الوصل بيننا وأن نصل بأخلاقنا الي الرُقى والأفضلية
وأن تتسم كلماتنا وأفعالنا و اقلامنا بالحب الذى يصل ما بين القلوب والخواطر
و أن ننتقى الطيب من الأقول والمميز من الأفعال ليكون هدى لطريقنا على مسار واضح يرضاه الله ويكون دافعاً لنشر الود والمحبة والعمل للبناء والتعمير ويكون دافعاً لنبذ الكراهية والبغضاء والهدم والتدمير .
فالاخلاق الحميدة هى السبيل للخروج من كثير من المشكلات النفسية للأفراد و المجتمعات ، وواجب علينا أن ننمى أخلاقنا بنشر ثقافات الحب والتسامح من أجل عودة مجتمعاتنا وأنفسنا الى نقائها وسموها .