د.هالة الجبالي
تعريف:
السمة الرئيسة في هذا الاضطراب، هو نمط من الكمالية والتصلب يسود حياة المصابين به، ويبدأ هذا الاضطراب في بداية البلوغ، ويعتبر نموذجاً منتشراً من الانشغالات بالترتيب، وإتمام العمل والضبط النفسي والبيوشخصي على حساب المرونة، والانفتاح، والفعالية، ويتظاهر في سياق العديد من التصرفات،ويسـتدل عليه بتوفر خمسة على الأقـل مما يلي:
1- الكمالية التي تتدخل في إتمام الشخص لواجباته، إذ يظهر نزعة لإتقان العمل بحيث يعيق إنجازه، فعلى سبيل المثـال نجد (العجز عن إنهاء مشـروع لأن المعايير الدقيقة جداً والمطلوبة لا يتم تحقيقها).
2- الاستغراق والانشغال بالتفاصيل والقوانين واللوائح والترتيب والتنظيم والجداول أو البرامج إلى درجة يضيع معها الموضوع الرئيس للعمل أو النشاط الذي يقوم به.
3- الإصرار غير المنطقي على خضوع الآخرين التام لطريقة المرء في تنفيذ الأشياء أو المعارضة غير المنطقية التي لا تسمح للآخرين بتنفيذ الأشياء بسبب اقتناعه المسبق بأنهم لن يؤدّوها بإتقان وبشكل صحيح.
4- التفاني الزائد في العمل والإنتاجية إلى درجة التخلي عن الصداقات وأوقات الراحة، بمعنى آخر يكرس نفسه على نحو مفرط للعمل وللإنتاجية مع تهميش الراحة والصداقات (شريطة ألا يكون ذلك لأسباب اقتصادية).
5- عدم اتخاذ القرارات: حيث يتجنب اتخاذ قرارٍ ما أو يؤجله أو يؤخره فعلى سبيل المثال (لا يستطيع المصاب تأدية واجباته في الوقت المحدد بسبب كثرة تفكيره بالأولويات).. مع ملاحظة: أنه لا يعود السبب في عدم اتخاذ القرارات في هذا الاضطراب إلى الحاجة الماسة للنصح والطمأنة من الآخرين.
6- صاحب هذه الشخصية مفرط في محاسبة الذات في عمله، ودقيق، وذو ضمير حي يقظ وكثير الشك والوساوس ومتصلب فيما يخص المسـائل الأخلاقية والمثل والقيم (شريطة ألا يكون ذلك بوحي من التوجيه والمعتقدات الدينية).
الاختلاطات:
تصادف بعض الاختلاطات مثل:
• اضطراب الوسواس القهري.
• داء المراق.
• الاكتئاب الرئيس.
• سوء المزاج Dysthemia (عُسْر).
أعراض اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية
تتضمن أعراض اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية ما يلي:
الرغبة بالكمال لدرجة تمنعهم من التمكن من إنهاء المهام.
المعالجة:
يدرك أصحاب الشخصية الوسواسية مدى معاناتهم وانزعاجهم فهم ميالون إلى طلب المعالجة عن طيب خاطر منهم، خلافاً للمصابين باضطرابات الشخصية الأخرى، وعلى أية حال فإن علاج اضطرابات الشخصية الوسواسية القهرية ليس سهلاً إضافة إلى أنه قد يطول، ويجب أن يتم التركيز أثناء العلاج على المشاعر أكثر منه على الأفكار ويجب التركيز على إيضاح دفاعات العقلنة أي Intellectualization وإقصاء الشعور العدائي.
السلوكات الرسمية الجامدة.
الاقتصاد الشديد في المال.
الحاجة الملحة للدقة.
إعطاء الانتباه الشديد للتفاصيل الصغيرة.
الإخلاص المفرط للعمل على حساب العائلة والعلاقات الاجتماعية.
اكتناز الحاجيات التالفة أو التي لا فائدة منها.
عدم القدرة على مشاركة الآخرين بالعمل أو تفويضه لهم خوفا من أن لا يتم على أكمل وجه.
الالتزام الصارم بالقوانين والتنظيمات.
الحاجة الملحة للتنظيم.
الالتزام الصارم بالرموز الأخلاقية.
التدبير بالأدوية النفسية: في القارة البيضاء أوربة صنعوا الكلوميبرامين (Anafranil) لمعالجة الاكتئاب عام 1957 و تبين بأنه فعّال في معالجة العديد من الأشـخاص الذين عندهم تكرارية في التفكير الوسواسي، أما الأمريكان فكان استعمال الكلوميبرامين ذو المنشأ الأوربي غير مرخص باستعماله في بلادهم فصنعوا بعد سنوات (Fluoxetion Prozac) الذي يعالجون الاكتئاب به وتبين بأنه مساو لتأثير الكلو ميبرامين وأثاره الجانبية أقل وتلا ذلك مجموعة من الأدوية المثبطة لاسترجاع السيروتونين SSRIs ( لأنها تختار السيروتونين انتقائياً من دون غيره من الناقلات العصبية) فعّالة أيضاً في معالجة بعض المرضى.. ومن خلال خبرتي السريرية وجدت بأن العلاج الدوائي أكثر ما يفيد في علاج الأفكار التسلطية، وكذلك علاج البطء الوسواسي، لكنه لا يفيد وحده في علاج الأفعال القهرية في معظم الحالات، لكنها (الأفعال القهرية) تبدي تحسناً جيداً بالعلاج السلوكي والمعرفي..
إن المعالجة النفسية الموجهة دينمياً هي المعالجة المختارة الأولى لاضطراب الوسواس القهري يليها العلاج السلوكي المعرفي مترافقاً مع العلاج الدوائي.
خـلاصة:
أصحاب الشخصية الوسواسية القهرية هؤلاء هم من الأشخاص المحبون للنظام والمنهج ذوو ضمير حي ومعتمدون، ودقيقون وصارمون ولكنهم لا يتعاملون بسهولة مع التغيرات الفجائية، ويبدون للآخرين كمحبين للشغب، وينشدون الكمال في عملهم، صارمين فوق الحد، مستقيمين، وغير مرنين (متصلبين)، وهم كثيرو الاهتمام بالترتيب، النظافة، الأناقة، والحاجة إلى مراقبة القوانين والتعليمات بصرامة، فهم يعيشون في روتين، ويحبون أن يجدوا كل الأشياء في أماكنها، وأن يجدوا أماكناً لكل شيء.. فصورة معلقة أو منحرفة قليلاً يجب أن تعاد إلى وضعها السليم، ويجب أن يبقى مكتبهم في مكانه الدقيق، وهم مقتصدين إلى درجة البخل فالكرم لا يجد إلى نفسهم سبيلا، وعنيدين إلى درجة الحرون.