أحمد الشويمي
صاحب الحظ القليل الذي لم يختلف كثيراً عن مؤمن زكريا ، وسعد سمير ، وحسين السيد ، ومروان محسن ، والشناوي وغيرهم ممن رحلوا عن النادي صغاراً وعادوا إيه كباراً ، لعله كان آخرهم فهو من دخل بوابة الأهلي عمره 5 سنوات وظل فيه 10 سنوات متتالية ليخرج منها وعمره 15 عاماً لضعف جسده مقارنةً بغيره ممن كانوا معه في الفريق ، فهو من لم يتجمل عليه الحظ بشئ إنه “عمرو بركات”.
لم يكن بركات ذو شهرة عالية عندما نُزِعَ من عليه القميص الأحمر ، إلا أنه كان معروفاً لدى أناسٍ آخرون فتحوا له باباً جديداً لا يقل شيئاً عن الباب الأحمر إنه باب القلعة البيضاء نادي الزمالك ، انضم اللاعب إلى فريق الـ 18 عاماً والذي كان يضم حينها اللاعبين علاء علي وحازم إمام ، وكان الحظ حليفه هذه المرة فقد أُعجِب به “حسام حسن” المدير الفني للفريق الأول بنادي الزمالك وضمه إلى لفريق الأول ، ولكن يبدو أن الحظ كان مجرد نسمة هواء في منتصف فصل صيفٍ شديد الحرارة ، فالفرصة لم تسمح له بلعب أي مباراة مع الفريق ، وزاد الأمر عليه برحيل مدربه حسام حسن عن القلعة البيضاء وتولى بدلاً منه المُعلم .. “حسن شحاته” لكن يبدو أن شحاته لم يكن لديه وقتاً للتعليم هذه المرة فقد رفض بتاتاً وجود بركات ومن معه من الناشئين في الفريق الأول ولو على سبيل التدريب فقط .
كل الأبواب أغلقت مصراعيها في وجه بركات ورحل أيضاً عن البيت الأبيض .
فجأةً يتجمع المصريون أمام شاشات التليفزيون في كل مكان لمتابعة نجم الدوريات الأوربية وصاحب أجمل الأهداف ومن صعد بالمنتخب المصري إلى كأس العالم.. “عمرو بركات” لكن كل هذا كان مجرد حلماً في مخيلة بركات ليس أكثر ، سعى نحو تحقيقه ، وجاءت هذه المرة عن طريق أحد السماسرة الذي شاهد إحدى فيديوهاته وأعجب بمهارته ، وقد طلب منه أن يسافر معه إلى بلجيكا لخوض فترة معايشة مع نادي “جنك” ، ولكنه لم يخوضها مع جنك فقط بل خاض عدة فترات معايشة مع أكثر من نادي .
انتهت الفيزا والحلم لم ينتهي فعاد بركات إلى القاهرة لكي يجددها ويسافر مرةً أخرى إلّا أن والده نصحه بالبقاء في مصر لقلقه من هذا السمسار وهذا حقاً ما فعله بركات ، وعاد إلى تدريبات ناشئي الزمالك مرةً أخرى وعمره 18 عاماً لكن هذه المرة من أُعجب به هو المدير الفني “فييرا” الذي جاء خلفاً لحسن شحاته الذي لم يستمر كثيراً مع الفريق بعد خلافه مع اللاعب “شيكابلا” .
لم يكن الحظ بعيداً عن بركات في حياته الكروية فقط بل امتد إلى حياته الدراسية أيضاً ، فبعد أن صادفته نسمة هواء أخرى بنجاحه في الثانوية العامة بمجموع 98 فالمائة ودخوله كلية الهندسة عاد إليه جفاف الصيف مرةً أخرى ليخبره بتحويل أوراقه من كلية الهندسة إلى كلية التجارة بسبب انشغاله بالتدريبات والمعسكرات.
ويبدو أن انشغال بركات بالتدريبات والمعسكرات قد فتح مصراعي باب الحظ على أخرهما ، فقد دخل لشراءه صاحب الفضل عليه الآن ومن فتح إليه باب أوروبا من جديد إنه النادي الفيومي “مصر للمقاصة” الذي طلب التعاقد اللاعب لتعويض رحيل نجمه “أيمن حفني” الذي رحل وقتها إلى أهلي طرابلس الليبي ، وقد رحب بركات بهذا العرض خاصةً وأن نادي الزمالك لم يكن قد وقع معه عقداً كلاعب محترف .
إن لم يجد بركات نفسه مع الأهلي ولا الزمالك ولا أوروبا فكان من الجيد أن يجدها مع المقاصة تحت قيمة فنية كبيرة يقودها “أيهاب جلال” الذي يدين إليه بكل عرفانٍ وجميل ، وقد تولى جلال قيادة الفريق بعد رحيل حسام حسن عنه .
تألق بركات مع المقاصة حتى أصبح نجم الشباك الأول في الفريق الفيومي حتى يتسارعا على ضمه من تركوه من قبل قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك ، لكن يبدو أن بركات كان حينها صاحب عقلية ناضجة فقد رفض كلا الفريقين وأراد أن يطور من نفسه مع المقاصة صاحب الفضل عليه ، إلّا أن حلمه القديم قد سيطر على عقليته الناضجة ليقنعه بتغيير قبلته عن المقاصة وتحويلها نحو أوروبا .
وكأن بلجيكا فقط هي قِبلة بركات في أوروبا فقد اتجه هذه المرة إلى نادي “ليرس” البلجيكي مقابل 200 ألف دولار.
لكن إن كان حلم الإحتراف قد تحقق فإن حلم التميز فيه كان صعباً فلم يزاع صيته في انحاء أوروبا كما كان يتمنى بل جاء بالعكس فبعض المصريين قد نسوا من هو عمرو بركات.
تواصل نادي وادي دجلة مع بركات خلال بداية هذا العام وكانت الصفقة على وشك أن تتم إلا أن هناك سببين وقفا حائلاً أمام هذه الصفقة ، الأول هو وضع بركات شرطاً كان مرفوضاً قبل طرحه خاصةً من قِبل نادي استثماري مثل دجلة وهو ضرورة موافقتهم على إحترافه في العام القادم إن تقدم أي نادي أوروبي لشرائه دون ، والثاني هو من قضى عليها تماماً ليحسمها لصالحه فقد تواصل المارد الأحمر مع اللاعب ليعود إلى بيته الأول من جديد بعد معاناة مع الحظ ، فهل يستمر الحظ في عناده مع بركات أم كان رجوعه إلى بيته نهاية العناد؟.