د. بهاء حفني الشافعي
اعلم أيها القارئ الكريم:
ـ أن المسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لهم: الصحابة، ولما أدركهم أهل العصر الثاني سمى من صحب الصحابة التابعين، ورأوا ذلك أشرف سمة، ثم قيل لمن بعدهم: أتباع التابعين ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين: الزهاد والعباد، ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق؛ فكل فريق ادعوا أن فيهم زهدا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مع الله تعالى الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة. (الرسالة القشيرية، ج1، ص36)
قلت:
فلا حجة لمن ينكر التصوف، قائلًا: لم يتسم أحد بهذا الاسم في عهد سيدنا رسول الله، والحق: أن هذا القول يجانبه الصواب؛ لأنه من المعلوم عند أهل العلم أنه لا مشاحة في الاصطلاح، وإنما مدار الإنكار يكون على المخالفات للكتاب والسنة، وهذا الإنكار له شروطه.