مازالت معاجم اللغة عاجزة على أن تصف الجنة التي لا يحيط بها حرف ولا يشملها ظرف ولا صرف ولا يسمو لها عقل ولا يدانيها خيال .
لم نعلم أي تفاصيل عن الجنة إلا من خلال القرآن الكريم .
الجنة ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
الجنة أبعد من الإدراك , لقصور الإدراك على الإدراك .
قال الله تعالى في سورة الرحمن الأية 46
(( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ))
ماهو تعريفكم للخوف…..؟
منزلة الخوف و حكمه : من أجلّ منازل العبودية و أنفعها و هي فرض على كل أحد . قال تعالى ( فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ) و قال عز وجلّ ( و لمن خاف مقام ربه جنتان )
تعريف الخوف : قيل : الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس – الخوف قوة العلم بمجاري الأحكام – الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره – الخوف غمّ يلحق بالنفس لتوقع مكروه . قال بن المناوي في كتابه -التوقيف على مهمات التعاريف – الخوف توقع مكروه أو فوت محبوب ذكره ابن الكمال ، و قال الحرالي: حذر النفس من أمور ظاهرة .
ويقول الإمام القشيري
الخوف : هو ارتعاد القلب لما تحمل من الذنب .
وهو : أن يترقب العقوبة ، ويتجنب عيوبه .
وهو : رعشة السر لما قصر في الأمر .
وهو : توقع البلاء عند ذكر الخطأ .
وهو : انزعاج السريرة لما تحمل من الجريرة .
ويقول : الخوف : هو ترقب العقوبات مع مجاري الأنفاس – كذلك قال الشيوخ . وأعرفهم بالله أخوفهم من الله .
ويقول : قيل : الخوف : حركة القلب من جلال الرب .
وقد يقترن الخوف بالطمع كما ورد في الاية رقم 16 سورة السجدة
(( تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ))
الخوف مقام والخوف والطمع مقام أخر ولاسيما إن كان الخوف من الله والطمع في الله .
الأية تتحدث عن مقام الرب (( مقام ربه ))
والرب مصدر العطاء
ولا يمكن لمخلوق أن يستغنى عن مصدر العطاء في كل اسباب الحياة .
ومن ثم أصبح الخوف من الله عطاء
ومحاولة إدراك مقام الربوبية عطاء أخر
ونأتي هنا للسؤال العاصف للذهن لماذا يكون الجزاء هنا جنتان ….وما هاتان الجنتان ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال هيا نطالع أسماء الجنات التي ذكرت في القرآن الكريم
13 اسم للجنة ذكروا في القرآن الكريم
أسماء الجنة
الاسم الاول “الْجَنَّة ”
(( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلآ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )) سورة البقرة / آية 111
الاسم الثاني”الْحُسْنَى ”
(( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)) سورة النساءآية/95
الاسم الثالث الْغُرْفَةَ ”
(( أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَاصَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا )) سورة الفرقان آية/75
الاسم الرابع الْفِرْدَوْس”
(( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا)) سورة الكهف آية /107
الاسم الخامس جَنَّات النَّعِيم ”
(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواوَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلادْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)) سورة المائدة آية /65
الاسم السادس “جَنَّات عَدْنٍ”
(( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَر ُذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) سورة التوبة آية /72
الاسم السابع “جَنَّةُ الْخُلْدِ ”
(( قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌأَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا)) سورة الفرقان آية 15
الاسم الثامن”جَنَّة المأوى ”
(( عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ )) سورة النجم الأية 15
الاسم التاسع”دَار الآخِرَة ”
(( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) سورة البقرة 94
الاسم العاشر”دَار السَّلآّم ”
(( لَهُمْ دَارُ السَّلاّمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) سورة الانعام آية /127
الاسم الحادي عشر”دَارُ الْقَرَارِ ”
(( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُالقرار)) سورة غافر آية /39
الاسم الثاني عشر”دَارُالْمُتَّقِينَ ”
((وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْم َدَارُ الْمُتَّقِينَ)) سورة النحل آية /30
الاسم الثالث عشر”دَارَالْمُقَامَةِ”
(( الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ )) سورة فاطر الأية 35
جنتان لماذا ….؟
عبادة الله تستلزم توحيد الربوبية لله فهو رب العالمين
وأيضاً توحيد الألوهية بانه (( لا إله إلا الله ))
توحيد الربوبية شرط اساسي في توحيد الألوهية
الحمد لله في الدنيا جنة أن تحمد بها رب العالمين عن النعم والعطايا مهما كانت
وجنة الجزاء في الأخرة هي جنة أخرى لها نواميس تختلف عن جنة الحمد في الدنيا
والذي يخاف مقام ربه يدخل فوراً في جنة الحمد في الدنيا وفي الأخرة في جنة ومقعد صدق في مغفرة ورحمة .
تأمل معي هذا المشهد في سورة أل عمران الأية 185 :
(( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))
الفعل زُحزح مبني للمجهول أي أن هناك قوة دفعته ليكون بعيداً عن النار …..الزحزحة عن النار والبعد عنها في حد ذاته جنة وهذه هي الجنة الأولى والجنة الثانية تأتي في الأية بقوله :
(( وأُدخل الجنة فقد فاز ))
إذن هناك جنة من عطاءات الربوبية وهي تتحق بالحمد لله رب العالمين
وهناك جنة الألوهية وهي جنة الجزاء في الأخرة
أما الزحزحة عن الجنة هي جنة
ودخول الجنة هو نعيم الجنة
نسأل الله لنا جميعاً حاضرنا وغائبنا أن نكون من أصحاب الجنة وتكون لنا جنتان بالبيان والبرهان هبة من الله الواحد الديان .