بقلم الناقد الدكتور/ علي الضيف
… كان الكاهن في قريش يقول لعابدي الصنم : ان الصنم يطلب منكم بقرة حتى يلبي طلبكم !!! ولو قال الكاهن للناس اريد بقرة لي لما أعطاه اياها أحد , لذلك تكون الحيلة بإيجاد صنم يعبده الناس ويقدسونه ويموتون في سبيله ويعظمونه … حتى إذا طلب من عابدي الصنم شيئا باسم الصنم , دفعوه للكاهن وهم فرحون
قبل الحرب العالمية الثانية .. وفي خطاب لهتلر قال أنه سيصنع للالمان إلها يعبدونه في الارض بدل الله !! , إنه الوطن الالماني .. في سبيله يموتون ومن أجل عزته ورفعته يضحون ! طبعا الوطن وثن معبود من دون الله كالـــصنم .. لا ينطق. ومن يتحدث باسم الوطن هم السياسيون الذين يمثلون الكهان بالنسبة للصنم … وعندما يطلبون من الناس التضحية للوطن فهم إنما يطلبون من الناس التضحية من أجلهم ومن أجل بقاء سلطانهم أسيادا على بسطاء الناس … والناس العابدة للوطن فرحة .. تموت في سبيل الوطن فيلقي عليها السادة اسم (شهيد الوطن) ..، بينما السادة لايموتون في سبيل الوطن ولا يجعلون ابناءهم يموتون في سبيل الوطن .. لانهم هم الوطن .. ومن أجلهم يموت عابدو الوطن
على سبيل المثال فى يردد بسطاء الشعب:- “نموت ننموت نموت وتحیا مصر ،… “. إذا كان مطلوباً من الشعب أن یموت لتحیا مصر ؟ فلنا ان نتساءل: ماهى مصر حتى يموت الشعب ويسجن ويهان من أجلها ؟!! إذن فمصر لیست الشعب … ھل ھي الأرض ؟!! إذا كانت الارض .. فمن وضع حدودها ؟؟ وهي حدود تتغير على مر التاريخ والثابت الوحيد هو الاسم فقط ؟؟، بل معظم حدود الاوطان الحاليه وضعها المستعمرون (الانجليز والفرنسيون) ولم يصنعها جدي وجدك !!! ثم لنفرض أننا إتفقنا على حدود الارض … فھل الأرض ھي التي تمتلك الناس أم الناس ھم الذین یملكونھا ؟؟ إنكم يا سادة لا يملك معظمكم شقته التي يقطن فيها , ومن ملك ارضا او شقة فانه يدفع عليها ضرائب لدولته وكأنه يستأجرها من رئيس الدولة وحزبه وحكومته !!! بل جميعنا يدفع في أرض الوطن ثمن قبره الذي سيدفن فيه !!! فأين هي أرضكم التي تموتون في الدفاع عنها ؟؟ إنها “أراضي الدولة” لا أرض الامة، أراض يوزعها كاهن الدولة (رئيس الدولة) على أعوانه واتباعه ليملك ولاءهم له ويعطيها لرجال. وأنت مطلوب منك أن تجوع ، وتتقبل الإھانة ، وتموت من أجل بقاء سلطتهم ونظامھم .
. أما في دين الإسلام: فالإنسان ھو محل الاھتمام، والحاكم هو خادمهم ، والمجتمع كان ھو المركز الذي تدور السلطة حوله، لذا كان الحاكم عند المسلمین الأوائل یسمى”أمیر المؤمنین” ولیس أمیر الدولة وكان يتولى من خلال بيعة الناس له عن رضاً، والخزانة ھي”خزانة المسلمین” أو”بیت مال المسلمین” ولیست وزارة مالية الدولة!، والأراضي ھي”أراضي المسلمین” فمن أحيا أرضا مواتا فهي له ، كل شيء مرتبط بالبشر وینسب للبشر، والبشر هم من يملكون الارض . الجمادات سُخرت للأحیاء ولیس العكس ! .. أفراد المجتمع في الاسلام ھم محل الاھتمام، ھم القوة، ھم المركز, والله قد سخر الكون وشريعته لخدمة الانسان والحفاظ على ماله وعرضه ودمه ، وسخر الحاكم شريعته لخدمته وخدمة حاشيته منتهكا أموال وأعراض ودماء عابدي الوطن الذين في حقيقتهم هم عابدون له
ليس معنى هذا أن نتركها لمستعمر أو نتخلى عنه فنحن مطالبون بالحفاظ على ممتلكاتنا “ومن مات دون ماله فهو شهيد ” ولكن الاهتمام بالفرد حفاظ على الوطن وقوة للوطن فالبيت بساكنيه لا بحيطانه ومبانيه .