عادل عامر
إن أهم آليات حل مشكلة بطء إجراءات التقاضي تكمن في تيسير إجراءات التقاضي، ووضع آليات شاملة لتطوير القضاء تشمل تعديل التشريعات لمواكبة كل المتغيرات خاصة فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي ومواجهة زيادة القضايا المدنية والتجارية، وتعديل القواعد الإجرائية لضمان ممارسة القضاء لرسالته السامية في تحقيق العدالة في أقصر وقت، وبأقل التكاليف للمتقاضين.
أن قواعد المرافعات لم تعد تلائم الواقع وتقنياته المتطورة، وساهمت في تأخر الفصل في الدعاوى القضائية عدة أشهر بل وسنوات بسبب تأخر تقارير الخبراء، وما يتبع ذلك من قضاء المتهم عدة شهور طويلة في انتظار الفصل في الدعوى القضائية.
إن دور الخصوم في بطء إجراءات التقاضي بتعمّدهم إطالة أمد التقاضي عن طريق اللدد في الخصومة، بقصد تعطيل الفصل في الدعاوى وإصدار الأحكام بالسرعة المطلوبة.
منظومة العدالة في حاجة شديدة إلى تشريعات جديدة تتناسب مع الواقع الجديد للبلاد، سواء كانت قوانين إجرائية أو عقابية فالقوانين التي صدرت منذ عشرات السنين الماضية لم تعد صالحة الآن للواقع الجديد للبلاد نحن في حاجة إلى قوانين تحقق فلسفة الزجر والردع وتتناسب مع الواقع الجديد، ولا يجوز أيضًا في هذا الصدد القيام بعمليات ترقيع القوانين فهذه نظرية مرفوضة جملة وتفصيلاً ولا يجب العمل بها على الإطلاق، وإنما الأمر في الثورة التشريعية التي نطالب به هو نسف هذه القوانين التي فقدت الغاية منها، واستبدالها بأخرى تحقق الفلسفة العقابية في الزجر والردع.
الفلسفة من أى قانون هي الردع حتى لا تتكرر الجريمة أو المخالفة، وإذا فقد القانون هذه الفلسفة لم يعد هناك أدنى فائدة من هذا القانون، وهو بالفعل ما يحدث الآن لدرجة أن الفاسدين أو المجرمين لم تعد تعنيهم من قريب أو بعيد القوانين، بل لديهم القدرة الفائقة حتى على التحايل عليها واللعب بها، ومن هنا لم يعد هناك سيادة قانونية وأصبح الخروج على القانون هو الظاهر والواضح ومن هنا لابد من الثورة التشريعية لنسف كل هذه المهازل فى القوانين القديمة البالية
مثلاً، قانون العقوبات الذي صدر عام 1937 لم يعد مناسبًا الآن بأي حال من الأحوال وعفا عليه الزمن ولابد من استبداله بآخر في ظل الثورة التشريعية التي ننادى بها، وبعد الثورتين العظيمتين في 25 يناير و30 يونيه. القوانين العقابية على الجرائم باتت مضحكة الآن فعلى سبيل المثال وليس الحصر القانون رقم 147 لسنة 1956 يحدد عقوبة مخالفة مواعيد المحلات بغرامة هزيلة لا تزيد على خمسة جنيهات، يعنى أن المقاهي المخالفة التي ترتكب جرائم يومية، تعرف أن العقوبة المفروضة عليها في هذه الغرامة المضحكة والهزيلة، وبالتالي لا تتحقق عقوبة الزجر المطلوبة في القانون.
. وليس بغريب أن نجد هذا الكم الهائل من المخالفات التي تقوم بها المقاهي جهارًا نهارًا وليلاً، دون مبالاة ودون أدنى احترام للنصوص التشريعية التي باتت هزيلة.
. استحوذت فتاوى المواريث ووصية الآباء والأجداد للأبناء والأحفاد علي اهتمامات الناس وتساؤلات المواطنين في دار الإفتاء.وما بين مسائل الطلاق والعلاقات الزوجية والعبادات والمعاملات الإسلامية كشفت سجلات الفتوى بدار الإفتاء المصرية تزايد عدد الفتاوى والخلافات بين الأشقاء حول الإرث والتركة والجرائم التي ترتكب بين أبناء الرحم الواحد بسبب الإرث.فقهاء الشريعة يحذرون من الأخطاء التي يقع فيها من يتصدون للإفتاء في أمور المواريث نتيجة لعدم التخصص الدقيق وعدم القدرة علي فهم المسائل التي تعرض عليهم, وتضارب الفتاوى في مسألة المواريث والذي ينشر الحقد والكراهية بين الأهل والأقارب.
تغيير قانون الوصية الحالي في مصر
ولم يعد الأمر وقفا علي تمييز الآباء والأمهات بين الأبناء في الوصية, بل انه تعداه إلى حرمان البنات من الميراث, فتقطعت الأرحام وغابت المودة والرحمة وانتشرت الكراهية بين أبناء الرحم الواحدة!! وتشهد ساحات المحاكم المصرية الكثير من القضايا, كأن يستغل أحد الأبناء مرض أبيه ويستكتبه وصية ينال فيها الجزء الأكبر من التركة دون مراعاة لحقوق الورثة الآخرين, وكذلك الأيتام والمعاقون الذين مات أبوهم وحصل العم علي التركة وحرمهم من حقهم. وبين هؤلاء وأولئك يقع الكثير من الدعاة في حيرة من أمرهم عند التصدي للفتوى في مسألة المواريث!!
وحتى لا يرتكب الآباء ما قد يخالف شرع الله فنحن بدورنا نسأل الفقهاء: ما هي الوصية, وما حدودها, وكيف يمكن للأب أن يكتب وصية بالتركة تتماشي مع الشريعة الإسلامية ولا تخالف القانون ؟
أن الوصية تصرف مضاف لما بعد الموت بمعني أن أحد الأشخاص يتصرف في ملكه وينقله إلي شخص أخر ولا ينفذ هذا التصرف إلا بعد الوفاة, ويشير إلي أن المصريين القدماء عرفوا الوصية قبل الإسلام حيث كانوا يلجئون إليها لتمييز بعض أبنائهم علي بعض, وكذلك كانوا يلجئون إليها لإحداث المساواة بين الأبناء والبنات, وقد جاء الإسلام وشرع الميراث وأعطي كل ذي حق حقه ومع هذا فهناك حالات تدعو المسلم إلي التصرف في بعض أملاكه بعد وفاته كأن يميز ابنه الأكبر حتى يعول إخوته البنات وإخوته الصغار
أو أن يقوم هذا الابن بالإنفاق علي شئون العائلة وما يتطلبه ذلك من أموال, فيقوم هذا الابن علي ما يسمي دوار العائلة ويتحمل الأعباء التي تتطلب مصلحة العائلة وهنا يلجأ الأب إلي الوصية لإعطاء هذا الابن ما يكفيه للقيام بهذه الواجبات الملقاة علي عاتقه, وقد لجأ الفقهاء إلي الوصية لإعطاء ابن الابن نصيب أبيه المتوفى, فهنا يحق لابن الابن عند وفاة جده أن يأخذ نصيب أبيه المتوفى
وقد أطلق عليها الفقهاء الوصية الواجبة, فالوصية الواجبة هي حق لابن الابن أو لبنت الابن أو لابن البنت أو لبنت البنت الذين توفي والدهم أو والدتهم قبل وفاة جدهم, وبذلك يجبر خاطر هؤلاء الأبناء حيث لا يعقل أن يكون أعمامهم أغنياء بالميراث من جدهم وهم فقراء يتكففون الناس ولذلك رأي الفقهاء العمل بهذه الوصية الواجبة وتم النص عليها في القانون وأصبحت مطبقة ومستقرة في مصر, ويشير إلي أن الوصية جائزة في الإسلام وهي اختيارية من جانب من يقوم بها, لأنها تصرف اختياري وفقا لما يراه صاحب المال
وقد يوصي بهذا المال إلي شخص معين أو يوصي به إلي شخص معنوي كمسجد أو سبيل أو مدرسة أو مستشفى ونحو ذلك فكما تجوز الوصية لشخص طبيعي تجوز أيضا لشخص اعتباري. إن الوصية أمر قال عنه الله عز وجل كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا علي المتقين فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه علي الذين يبدلونه إن الله سميع عليم فالوصية في حد ذاتها جائزة في حدود ثلث ما يملك الإنسان ولا يجوز أن يوصي الإنسان للوارث كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة, فإن أجازها الورثة فلا مانع وإن لم يجزها الورثة فلا تنفذ, لأن الوصية لأحد الأبناء دون البعض يوغر الصدور ويحدث في القلوب الحقد والكراهية, والرسول صلي الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم, وقد جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم, وقال له يا رسول الله إن زوجتي أم هذا الغلام أمرتني أن أعطي ولدي هذا عطية وأبت إلا أن يشهد عليها رسول الله, فقال له الرسول الكريم أعطيت كل أولادك مثل هذا؟ فقال: لا, فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم: أشهد على ذلك غيري فأنا لا أشهد علي جور.