إنه لا يزال واقفاً على قدميه . عينه اليُسرى منتبهة للغبار الذي دخلها نتيجة إحداثها لجلبة عندما قررت الإنطلاق بسرعة للفرار منه. كان ينوي حلب معزاة جدته . فخافت منه وشعرت به كلص للبن . لقد تفهم أنها تدافع عن مخزون ضرعها فقط . فهي حيوان أليف لا يُحدث كل هذه الجلبة ،لو كان في يده السكين . وكان جزاراً ينوي ذبحها وبيع لحمها أو تقديمه هدية للبياطرة . وتفهم أيضاً أن لجدته قدرتها الخاصة على تأديب هذه الأليفة حتى الثمالة . بفعل دراية جدته النحيفة حتى الهُزال . أما هو فرجل مسكين غالبا ما يقع في فخ الشفقة على الإنسان والحيوان . ولو كان مكان جدته لما برع في الإحتفاظ بحلوب مثلها.
قرر عدم مطاردة المعزاة ، وشرب اللبن من الإحتياطي . إنه مُثـَلـَجُ في ثلاجة جدته ، ورغم أنها قالت له خذ ما تريد من بيتي لنفسك حتى تعود إلى بيت أمك بمفردك أو أطردك . لا يريد أن يتورط في شجار مع مربية مسنة . قد يستغرق درسها الجديد يوماً كاملاً.
فتنازل عن فكرة بناء جسمه مجددا باللبن . وقرر ذبح دجاجة من خُم الجدة . في المطبخ وجد السكين ، كان لماعاً يظهر من بريقه عدم رضاه على صرقة أي شيء من البيت. ومع السكين حمل إناءً ليضع فيه الدم والأحشاء ، وكذلك جلد الدجاجة . لآنه يخشى أن يتسبب له الكوليسترول الذي يحتويه في سمنة مفرطة . وعندما دخل الخم وأراد الإمساك بالدجاجة . تذكر أن جدته تحب فراخها كثيراً . فإحترم شعورها وجلس إلى جوار الخم كما تجلس جدته بالظبط . وإنتظر إحترام الدجاجات والديكين له . ظنا منه أنه كمثل جدته سينال ترحيبا داجناً . ويُحتفى به وهو في مجلسه . فلم يحدث شيء إلا بعدما إنتهى من رمي أخر قمحات من يديه على الأرض . لتلتقطها المناقيروتحدق فيه الأعين غاضبة . وكأنه هو الوحيد الذي يذبح الدجاج ويحلب الماعز . فغضب كثيراً وحمل عصى ليطارد بها كل ما في الخم والإسطبل . ربما يُصبح هو أيضاً مُربياً بارعاً ذات يوم. وبدأ يضرب الحيونات ويتمتم ، سأربهم ،سأربيكم .