تأليف عبدالله الأقصري
—————–
رجع عنترة بن حداد إلى بيته غضبان أسِفا .. وقد شعر بظلمةٍ في صدره وكأن القمر خُسِفَ ، مما رآه في محطة المياه .. من تقصير ولا مبالاه .. فدخل إلى ورشته دون غداء ، وقرر أن يجتهد في الكد والعناء .. كي يحصل على الأموال .. ثم يذهب إلى البقال .. كي يشتري زجاجة مياه معدنية .. ولا يذل نفسه لمحطة المياه والبلدية .
ولا يزال عنتر على حاله في ورشته .. إذ شعر بحرارة شديدة .. فقد أصبح الجو حاراً جداً حين أوقد النار كي يطوي بها الحديدة .. فقرر ان يفتح الباب على مصراعيه .. ليدخل الهواء النقي فيرطب جسده ورئتيه ..
وحينما فتح الباب فوجىء عنتر برجلٍ يمسك في يديه خرطوماً كبير .. ويرش الماء على الأرض بتبذير .. والأدهى من ذلك وأمر .. أن الرجل يغني ” إديها ميه تديك طراوة ” ثم يصيح أنا حر … فاستشاط عنتر غضباً من فعل هذا الرجل المبذر .. وقال له : إسمع يا رجل إني لك محذر .. لا تلقي بالمياه على الأرض باستهتار .. فغيرك يشقى ليل نهار .. كي يجد كوب ماءٍ يشربه .. فوالله ستندم على كل قطرة فرطت فيها بغباء .. بعد أن يقطع سد أثيوبيا علينا الماء .. نحن بعد السد لن نجده .. وأنت الآن تبدده ؟.. اعقل يا رجل ..
فقال الرجل بكل استهزاء وفجور .. ويحك يا عنترة فأني ركبت الماتور .. ولن يمنعني أحد من المياه .. طالما لدي هذه الأداه ..
وقبل أن يكمل الرجل كلامه فإذا بالمياه تنقطع عن الخرطوم والنعمة التي كان يبددها لن تدوم .. فصاح الرجل .. ماذا حدث ؟ .. لماذا لا يوجد مياه .. لماذا لا يعمل الماتور .. فإذا بابنه حمادة .. يطل مشرفاً من البلكونة ويقول .. يا أبتي لن يعمل الماتور .. فاليوم على بلدنا الدور .. في قطع الكهرباء .. فأخذ الرجل يلم خرطومه .. وخيبة الأمل تلطخ رأسه وهدومه ..
وإذا بعنترة يضرب كفاً على كف ويقول … كنت أعمل كي أجني الماء .. واليوم قطعوا الكهرباء .. فلا آلة ستعمل ولا يدُ ستُغسل .. وجلس عنتر يندب حظه وقال بصوت يملوء الغيظ .. حسبي الله ونعم الوكيل ..