تأليف عبدالله الأقصري
ومازال عنتر بن حداد يجلس مشغول البال .. يفكر في الطريقة التي سيجني بها الأموال .. حتى تعينه في السفر والترحال .. وأثناء جلوسه على هذا الحال .. إذا بأمه تأتي وفي يدها خلخال .. فقالت : خذ يا بُني بِع هذا واحصل على المال .. فقال عنتر : كيف يا أماه ؟ فهذا الخلخال غالي عليكي .. فكيف أبيعه وهو هدية والدي إليكي؟ .. لا يا أماه لن أفعل .. فالتخلي عن حلمي عندي أسهل .. فقالت أمه : يا بني إن أباك قد مات وذهب ، وأنت أغلى عندي من كل الذهب .. فامتلأت عيون عنترة بالدموع .. بعد ما كان من كلام أمه المسموع .. وأنشد قائلاً :
فتشتُ كثيـــراً وبحثــت ……. عن مصدر حبٍ وحنان
لن أجد سوى حضن الأم …….. يملــؤه دفىء وأمـان
تضحي بروحها من أجلي … وتجني مني العصيان
تعد الأكل بلا طلبٍ …….. فتشعر حين أكون جعان
وتضع يديها على رأسي ….. كي تمسح عني الأحزان
وتداوي حزني في قلبي …… حين تأخذني بالأحضان
برك يا أمي هو الفوز …… وعقوقك هو عين الخسران
وقال عنترة : سامحيني يا أماه .. لا يمكنني أخذ هذا الخلخال .. سأذهب كي اقترض مبلغاً من الخال .. فأنتي لكي حق عنده من ميراث أبيكي .. ومنذ سنين يأكل هذا الحق عليكي … سأذهب وأطالب بحقكي يا أمي … وسأبحث عن الحقوق سواء عند خالي أو عمي ..
فقالت الأم : يا بُني .. اطلب من خالك حقي ولكن لا تتجادل معه أو تتعارك .. فإن فعلت سيكون هذا عاري وعارك .. فلا تنسى أنه خالك … فكن في كلامك معه سخي .. فهو وإن أكل حقي فلا يزال أخي …
فقال عنتر : أجل يا أماه لا تقلقي … سأتحدث معه بقلب نقي .. ساجعل كلامي معه بهدوء .. دون أن أعكر صفوه أو أقول السوء .. أبشري يا أماه فأبنكي عارف بأصول الكلام .. سألقي أولاً عليه السلام .. وأفتح معه الموضوع بكل أدبٍ واحترام ..
فقالت الأم : اذهب يا ولدي بارك الله فيك … فقد أنجبت بطني ابناً بار .. يسمع كلام أمه ويحترم الكبار .. اذهب يا بني .. بارك الله لك في رزقك وزاد .. يا عنتر يا ابن حداد ..
فركب عنتر بن حداد موتسكيله البطة وذهب إلى خاله الذي يسكن خلف المحطة .. وهو في طريقه إلى بيت خاله .. إذا بزحمة مرورية لم تكن في الحسبان .. فتوقف عنتر ليسأل عن ما يجري في المكان … فكان الرد أنهم أغلقوا المزلقان … فهناك قطار مار .. وعلى الناس الإنتظار .. ومازل عنتر ينتظر أن يأتي القطار كي يعبر من المزلقان .. فطال الإنتظار لأكثر من ساعة … ولا يزال عنتر على حاله … حتى نسي ما كان أعده من حديث ليقوله لخاله ..
……
إلى اللقاء في الحلقة القادمة من قصة عنتر بن حداد
..