فقه القلوب من كلام أهل التصوف (4)
إعداد/ محمد مأمون ليله
تقلب القلب
قال الشيخ المكرم/ أحمد محمد علي وفقه الله:
عن أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ))(رواه الترمذي).
يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقلب القلب من الإيمان إلى الكفر، وبما أن التقليب عندنا لا يتم إلا باليد، فلذلك جعل التقليب بالصوابع، وذلك لأن الأصابع من اليد، وأسرع في التقليب. والقلب سمي قلبا لتقلبه، فهو يتقلب في الأحوال، فلا يبقى على حالة واحدة، لذلك فهو يتقلب بتقلب التجليات الإلهية، وليس هذا للعقل، فإن القلب هو القوة التي وراء طور العقل. والأحوال التي يتقلب القلب فيها هي أحوال تردده بين أكثر من حال يرد على القلب، وهي الحالات التي يكون عليها القلب وهي كما يلي: حال الجهل: وهو الحال التي يتوقف فيها القلب عن الميل أو القصد لشيء، ويكون القلب هنا في ظلام الجهل. وحال الشك: وهي الحال التي يشرع القلب فيها بالعمل، فلا يعلم على وجه الدقة هل هو مصيب أم مخطئ؟ فيكون في هذه الحالة في شك من أمره. وحال الظن: وهو الحال التي يكون القلب في ظن من إصابة الحق في العمل فيكون حكمه راجح فيها. وحال العلم: وهو الحال التي يكون القلب قد صدق الحق في إصابة الحق، وهو يكون الحال التي يكون القلب قد وقف على ما هو عليه الأمر. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل