مفهوم العدالة هو تصوُّر إنساني يُركز على تحقيق التوازن بين جميع أفراد المُجتمع من حيث الحقوق، ويحكُم هذا التصوُّر أنظمة وقوانين يتعاون في وضعها أكثر من شخص بطريقة حُرة دون أي تحكُّم أو تدخُّل،وهذا بغض النظر عن مركز الشخص أو جنسه أو دينه، وبهذا سوف يتحقق الأمن والأمان للجميع وسيكونون قادرين على العيش والقيام بأعمالهم دون الشعور بالخوف أو الظلم.
مفهوم الحق متعدد الدلالات حسب المجال الذي يستخدم فيه، ففي المجال المعرفي المنطقي يفيد الحق الحقيقة و اليقين , أما في المجال الأخلاقي فإنه يفيد العدل و المساواة و الإنصاف مما يجعل مفهوم الحق و العدالة متذاخلين و يتقاطعان مع مفاهيم أخرى ..
إذ يرى البعض انه يظل تجريداً في عالم العقل لا سبيل لتطبيقه في عالم الواقع. ويذهب البعض مذهباً متفائلاً بقولهم ان الطبيعة البشرية قد ارتقت عبر التاريخ، مما خلق لدى الإنسان نوعاً من الرقابة الذاتية التي تلزمه باحترام قاعدة: ((عامل الآخرين بمثل ما تحب أن يعاملوك به)). ومن ثم أصبح يمتلك شعوراً داخلياً بالعدل
العدالة مرتبطة بالقيم الاجتماعية السائدة، وهي تحمي المجتمع من الانحلال والتفسخ وتسعى لجعل أفراده متساوين في غالبية الأمور الحياتية الأساسية . وعند تحققها يترابط أفراد المجتمع وينمو ويتطور .العدالة الاجتماعية فكرة فلسفية لا سياسية. يستخدم البعض العدالة الاجتماعية لوصف التحرك الدولي باتجاه تطبيق العدالة الاجتماعية في العالم . و تشكل حقوق الإنسان و المساواة أهم دعائم العدالة الاجتماعية .السعي لإجراء “التبادل المتوازن” في التعاملات لتحقيق العدالة والاتفاق بين البشر , يمكن أن يكون أفضل طريقة تحقق دوافعهم وأهدافهم وبما يحقق تطور ونمو مجتمعهم . ويقصد بالتبادل المتوازن : رد المنافع بالمنافع ورد الأضرار بالأضرار , وبشكل متوازن ومنصف . وأبدى سقراط قليلاً من الاهتمام بفكرة التبادل المتوازن .
إن فكرة التبادل المتوازن هي من الأفكار التي اعتبرت منذ زمن طويل ذات أهمية جوهرية في سياق التفكير بالعدالة , وحظيت بالتأييد الواسع في تجلياتها المتنوعة .
تعدّ العدالة محور المعتقدات الأخلاقية في أي دين ، فهي الحل التشريعي والنفسي الذي يقترحه ذلك الدين لمعضلة البشر الأزلية: صراع الخير مع الشر أو المفيد والضار , وبالتالي فأن جوهر أي دين يمكن اختزاله إلى أسلوب القاعدة الأخلاقية الموجودة فينا ولا يمكن ان تنفصل عن أنفسنا. فالإنسان لا يفعل الشر عن علم بل عن جهل، ولكنه لو عرف الخير لاتجه اليه بشكل طبيعي. فالشر جهل والخير علم. اما سبب المصائب التي حلت بالإنسانية فهي المِلكية الخاصة، التي تؤدي إلى التطاحن والصراع. ومن هنا جاءت فريضة الزكاة إحقاقاً للعدالة الاجتماعية في الاسلام، بوصفها جوهر النظام الاقتصادي الإسلامي. وحكمتها هي رفض ان يتحكم فرد في مصائر الناس بحجب المال عنهم، لأن حجز المال فيه ظلم للمال والمجتمع، فيقول النبي محمد (ص): (من احتكرَ طعاماً أربعين يوماً فقد بريءَ من الله وبريءَ الله ُمنهُ). فالمال في الإسلام له وظيفة اجتماعية غير فردية، وهو لا يقصد لذاته وإنما لأداء خدمات اجتماعية تحقق المصلحة العامة. ويضمن الشرع الإسلامي والقضاء الإسلامي لكل فقير الحق في أن يرفع دعوى النفقة على الأغنياء من أقاربه. ويعني ضمان حد الكفاية هذا، أن الإسلام يكفل الحاجات الأولية للحياة الآدمية
إن التبادل المتوازن والمنصف والمحقق لأكبر كمية من دوافع وغايات لأكبر عدد من الأفراد أو الجماعات أمراً ليس صعباً , ويمكن الوصول إليه بالقوانين المدروسة المناسبة