لا من فضلكم ليكن العصر حراً مُنظما يمتلك كل شيء صنعه على حساب عصر الفوضى . إن كلامها غير صحيح ولا بد لها من توضيحه لنا . بالطبع هي من سنسألها لآنها الأدرى بوالدها . بنت عصر الفوضى قالت عن والدها( أنا بنت عصر الفوضى، سأصنع مستقبلي وفق ما أشتهيه، أكفر بهيمنة السرب، وأهب ساق الكتابة لمتاهات التجريب الدال على هويتي المتجددة.) وهل سندعها تكفر ونحن وكما تعلم هي لا نبسط ونقبض وفق هوانا . وهل سنجرب ونقترب منها أكثر ؟
هي السيدة فوزية الفلالي من فاس المغربية مدينة وناس . ونحن موقفنا مع مواصلتها لكتابة الشعر والزجل وغيرهما من ما تمكنت منه مبدعة. ولنقل أننا قرأنا لها ما أشرنا إليه أعلاه في مجموعتها الشعرية “أوراق تنام مبللة” التي صدرت في وقت سابق في مملكة الأردن. أيضا فلنقل أنها تمرجحت بأسلوب حقق لها نتائج ثورية . فعندما قالت
(واللواعج تمرجحني بين جنبات همسي تغزل صوف الليل برحيق القوافي المتراخية في جعبة ذاكرتي الثائرة على أبجديتي.) في هذا النص لا يظهر لنا عدوها بالظبط . وهو كما أشرنا في البداية “عصرنا” الذي نعرف بفضله بالمنظمين ، ويعرف بفضلنا بعصر السرعة والتكنولوجيا . إذا هنا قد عرفت هي “السيدة الحجرية”.
هي تعرف شيء ما عن طول المشاوير ، وتستطيع تقديم النصائح . فقولها: أيها السالك في دروب التمني، تريّث فالمشوار طويل .) يعني أنها قد أبصرت دفاعا عن من تحرسهم . ولم تسكت بسطوة الأم . وتدخلت في شأنه رغم أنه العشق . فقالت: (سماء العشق ملبدة المعاني، ضيقة السير، وأنا لا زلت صغيرة أغزل ضفائري دمية وأعرضها للريح يلاعبها على هواه. ) ها هي قد إستسلمت رغم أن العشق قد بلغ معنا حرية عصرنا .بل وحتى نظامه وأصبح لا يمزح ، أي قد ثقف الكل.
أنا لم أقل أنك لا تستطيع أن تقرأ لها قصيدة جملها مفيدة وتعابيرها حِكم أكيدة. ولكن قلت أنها قد أساءت للعصريّين . وهم يتنفسون بتلفون ضمانه حَول كامل . وما دمت لم أنهاكم عن القراءة لها ، هذه كلماتها (في جبّ موقدي رفات مخطوطات تاريخ ورماد حضارة عاشها نصف عرق من دمي،كل صباح أتنفس كتب والدي البنّاء نصف قرن وهو يشيد كنائس جاك ونصائح جدي الأعمى، كانت عيناه في أحاسيسه تتجسس على خلايا دماغه، هل راقبت حالة طقس أفكاره؟ هل تاهت مع تخاريف الزمن الحاضر الغائب في ملذات خارج تغطية قضية وطنية؟ سلبت منه رأسه وحتى نصفه.)
أما باقي ما تذوقته من قطرات الماء التي عصرتها عصرا من فوق أوراقها المبللة قبل أن تنام. وما فعلت هذا إلا دفاعا عن عصرنا المجيد . فيمكنكم قراءته حسب نصيحتي وهي تكاد تكون “غير الشك فيه” ..فقالت (يبدو أن الصبح قد ولى باكراً، والأبراج نامت على حديث الجفون التي أرهقها شباك سحرة فرعون في مخفر التحنيط، نسي البلبل صوته في غور جذع شجرة الليل حيث سقطت أرغفة جدة ما قبل تاريخ شعوب العري وجزيرة أودولفو، استنشق عبرها الرجل الماهر في غياهب الدهر الممتد، شممت رائحة الرغيف في تراب أغلفتي)
حتى ولو صلبت العروبة بدون مرآة الزمن . ستبقى العروبة لا تعيش إلا لتثأر وهذا قدرها. فلما نحتج على مخطط الثأر العربي . كيف سنثأر بدون هم وغم ودم …إلخ. مرآة الزمن تعني لقد تكررنا ولذا تأففنا ؟ وبالنسبة لفوزية فقد قالت (سأنظر في مرآة زمني المعلقة على جدار التشظي فوق درج ذكريات مكتنزة الدمع كسرت أقداح الأمل وأسرت أشداق ابتسامات مسروقة في دروب مظلمة وسط زحمة صدور بشعر عروبة مصلوبة) سبق للعروبة وصلبتنا جميعاً . عندما كنا في عصر الفوضى أو ربما كنا أبنائه. وكان القوي منا يأكل الضعيف . بل وكنا نأكل حتى الجيفة . والحمد لله أصبحنا وأصبح الملك له . ولا يجوز أن نسمي عصر فيه علامات الساعة بعصر الفوضى . ونحن نعلم أن دمنا فيه يعصر بدقة وإنتظام . حسب أخر مهام عزرائيل في الأرض.وكل قلوبنا قد تنظمت ..ربي أقم الساعة.. ربي أقم الساعة .. ربي أقم الساعة ؟