كانت عبله مصرة اصرارا شديد تطالب بتحقيق رغبتها واولادها الستة في الحصول على فسحة خارج جدران المنزل والحارة والبلدة الصغيرة التي يعيشون بها، بعد أن تحطمت امالها في الذهاب الي المصيف هذا العام ككل عام مضي.
ولم يستطع عنتر هذه المرة ان يماطل امام تلك الرغبة الملحة والجموع المصرة من زوجته وابنائه السته وعندما حاول ان يتحجج بالمصاريف… اخبرته انها مدخرة بعض المال مما كانت توفره من “المناهدة والفصال” مع التجار حتى اصبحوا يطلقون عليها “عبله المناهدة”.
وعندما اراد ان يتحجج لها بالطعام والشراب اخبرته انها اعدت حلة محشي كبيرة من خمس انواع مختلفه ” كوسه وباذنجان وكرنب وفلفل بالوانه وورق العنب تزين به وجه الحلة” على حد قولها مع “دكر البط” الذي وصل اليها خلال زيارة من زوجة اخيها عندما اتت للمبيت عندها قاصدة أحد المشايخ الذين يتم الإعلان عنهم في التليفزيون حتى تنجب الولد لانها انجبت 4 بنات واقسم عليها زوجها ” طلاق بالتلاته” أن تنجب الولد والتي انقطعت اخبارها منذ تلك الزيارة من عامين بعد انا حضرت معها جلسة علاج روحاني كان على اثرها انها حملت في توأم وانجبت زوج من البنات .
وعندما وجد عنتر كل الطرق مغلقة في وجهه وان زوجته عبله والتي اعتاد ان يسميها “هبلة” مقنعا اياها ان تلك التسمية دلع “عبله ” باللغة الإنجليزيه فانحشر عنتر يتقدمه كرشه الكبير الذي كان يتدلي امامه ليكون بمثابة حرس التشريفه او “موتوسكيلات الحراسه” امام كبار المسئولين، وانحشرت “عبله” بجواره تحمل خلفها ما يقرب من طنين من اللحم موزعين بالتساوي خلفها،مما جعل من يعرفها يدعي انها تحمل كراسي الانتريه تحت عبائتها، وانحشر الابناء 4 في المقعد الخلفي و2 في شنطة السيارة التي بركت كانها جمل عجوز لا تقوي ارجله على حمله، وصدر منها صوت مكتوم كانه أنين ثم تتابعت عدة اصوات كانها تقول ” حسبي الله ونعم الوكيل”
وتحركت السيارة القديمة وهي تحمل ما لا تستطيع كانها رجل مسن تملكت الخشونه من ركبتيه واصاب الروماتيزم مفاصله فصارت تتحرك ببطئ شديد تنفث سموم عوادمها في وجه من يسير بجوارها من عامة الشعب “الغلبان” الذي يسير على قدميه.
حتى وصلوا بعد عدة ساعات الي الجيزة والأهرامات الثلاث واستطاعوا انا يجدوا لهم مكانا لتناول الطعام وهم ينظرون الي الاهرامات، ولاحظ عنتر حيرة زوجته حاملة حلة المحشي على راسها فسالها فبررت ذلك: بانها تشعر انا ابو الهول ينظر اليها بعيون جريئة، وهي في كسوفها لا تستطيع ان تأكل.
وبدأت الحرب وتصارعت الايدي وتسابقت في الحصول على “كام صابع محشي” ليلقيها كل شخص في فمه ثم يلعق اصابعه كما يلعق القط جسده، ثم يعيد المشهد عدة مرات، بعد ان قامت عبله بتحطيم هيكل ” دكر البط” وخطف كل شخص منهم قطعه… ولما تستطع عبلة ان تغير عاداتها في الكلام فهي لا تكاد تعطي لسانها فترة استراحه حتى اثناء الطعام فها هو لا يفرغ من تقليب الطعام بفهما ولعق اصابعها بعد كل غارة جوية حتى يتحرك لينتقد ويسال ويجيب في نفس الوقت
عبله : شوف يا راجل الولية الكبيرة اللي الي اد امي الله يرحمها” مبينه لحمها ولابسه الشورت ازاي؟
عنتر: يا هبله دول سياح اجانب وضيوف عندنا وده لبسهم دي سياحه بتجيب دخل وعملة صعبه.
عبله : يا خويا تغور العملة اللي جايه من وشهم، دول معندهمش خشا ولا حيا كفاية احنا ننشط السياحة.
عبله : شوف يا خويا الوليه التخينه اللي راكبه الحصان…. يا ختي ارحمي الحصان دنا اللي مجيش اد دراعك اتكسف اركبه.
عبله : شوف يا راجل الجدع الاسمر اللي هناك ده؟ مبطلش بص عليا شوف عنيه البجحه؟ ولابس نضارة سودا عشان قال ايه معرفش.
عنتر: يا وليه حرام عليكي ده راجل اعمي مبيشوفش ومعاه العصاية والكلب دليل.
عبله: ليه ياعنتر مبقتش تسمعني شعر من اشعارك زي زمان؟
فاكر يا راجل؟ قصيدة “عبلاء” اللي سمعتها لي اول مرة اتقابلنا فيها وانا بقبض معاش ابويا من البريد: “أحببت عبلة عبلاء في مظهرها …. هبلاء في أفكارها”
عنتر: ايوه بس انا بطلت شعر من يوم ما اتجوزتك… وانتي كمان كنتي بتقولي لو ملاقتش شقه هتسكني في بيت من اشعاري…. ولو مفيش اكل هتكتفي بغذاء الروح… فين كلامك؟
عبله : انت كمان يا راجل كنت بتقولي هتنسج لي من اشعارك سلم وتطلع عليه تجيب لي نجمة من السماء تعلقها على فستان فرحنا.
اهو ليلتها حصلت خناقة وملحفتش يا خويا تطلع السما وكانت روحك هي اللي هتطلع لولا ستر ربنا.
وفاكر لما قلت لي انك في ليلة دخلتنا هنلبس ابيض في ابيض وهنقضي الليلة بين السحاب؟
اهو ليلتها جت تشيلني وقعنا من عالسلم انت جالك الغضروف وانا رجلي اتكسرت وقضينا الليلة في شاش ابيض وسط ملايكة الرحمة وهم لابسين ابيض في ابيض في القصر العيني.
عبله: كلمني يا خويا عن اجدادي
عنتر: اجدادك مين يا وليه ده واحد مات في السجن في قضية كمبيالات، والتاني مات مجنون بعد ما خلفك بست شهور..
عبله: يا خويا مش قصدي اجدادي دول قصدي اجدادي اللي بنوا الهرم أجدادي الفراعنه.
عنتر: يا وليه انتي مكنتيش من الفراعنه انتي كنتي من الهسكسوس.
عبله: وانت يا خويا يوم ما تفسحنا تجيبنا في القرافه؟
عنتر: متعجبا قرافة؟ !! قرافة ايه يا وليه الله يقرفك يا بعيده
انا جايبك وسط الحضارة…. وسط الاهرامات.
عبله :ما هي الاهرامات دي كانت مدافن، يعني مغلطتش
عنتر” منك لله يا شيخه
عبله :الا يا خويا هو صحيح ابو الهول ده كان راجل بصباص وبتاع ستات؟ وعشان كده ربنا سخطه وخلاه تمثال؟
عنتر: منك لله
عبله : وبعدين الفراعنه دول كانوا فراعنه ومفترين حتى لما ماتوا مكنوش بيدفنوا ستاتهم معاهم ؟
عنتر : منك لله
يا وليه ابو الهول كان راجل طيب بس اتجوز وفي ليلة الدخله مراته دخلت استحمت وطلعت من غير مكياج فحصل له اللي حصل وجابوه هنا جنب الاهرامات عشان يبقي عبره لكن الاحفاد لم تتعظ.
عنتر: ابنك الكبير فين ؟ ناديه عشان نروح
عبله: بيعمل بيبي جنب رجل ابو الهول البصباص بتاع الستات.
وعاد مشهد الحشر داخل السيارة والتي رفضت ان تنطلق وبركت وامتنعت عن الحركة كفيل ابرهة الأشرم وتمني عنتر ان تظهر طيور ابابيل ترمي بحجارة من سجيل على رأس ام العيال