إذا كان العصر الجاهلى يعدّ المنبع الرئيس للشعر العربى ، وعصر صدر الإسلام مُمِثلاً للأدب الملتزم بتعاليم العقيدة الإسلامية وموضوعاتها، والعصر الأموي عصر شعراء الغزل والحضور العاطفي والانفعالات الإنسانية الأعمق والأرقى؛ فإن العصر العباسي يعدّ عصر النهضة الأدبيّة ليس على مستوى الشعر فحسب وإنما في النثر أيضاً، وعصر الشعراء الأكثر عدداً وشهرة وحضوراً في تاريخ الأدب العربي على اختلاف عصوره
الأصمعى يتحدى بــ ” صوت صفير البلبل “
هي قصيدة قام بنظمها الأصمعي يتحدى بها الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور بعد أن ضيق على الشعراء فهو كان يحفظ القصيدة من أول مرة يسمعها فيها فكان يدّعي بأنه سمعها من قبل فبعد أن ينتهي الشاعر من إلقاء القصيدة يهم الخليفة أبا جعفر بسرد القصيدة إليه، وكان لديه غلام يحفظ القصيدة بعد أن يسمعها مرتين فكان يأتي به لـ يسردها بعد أن يلقيها الشاعر ومن ثم الخليفة وكان لديه جارية تحفظ القصيدة من المرة الثالثة فيأتي بها لـ تسردها بعد الغلام ليؤكد للشاعر بأن القصيدة قد قيلت من قبل وهي في الواقع من تأليفه وكان يفعل هذا مع جميع الشعراء فيصيبهم بالخيبة والإحباط، خاصة أن المنصور كان قد وضع جائزة للقصيدة التي لا يستطيع سردها وزن ما كُتبت عليه ذهباً. الأصمعي في قصر الخليفة: عندما سمع الأصمعي بذلك قال: “إن في الأمر مكر وحيلة”. فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني ولَبِسَ لِبسَ الأعراب وتنكر حيث أنه كان معروفاً لدى الأمير فدخل على الأمير وقال: إِنَ لدي قصيدة أود أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل. فقال له الأمير هات ما عندك، فألقى عليه قصيدة صوت صفير البلبل وبعد انتهائه من قول القصيدة لم يستطع الخليفة أن يذكر شيئا منها، ثم جاء بغلامه فلم يتذكر شيئا أيضا فهو يحفظها بعد مرتين من سردها ، ثم أحضر الجارية فلم تتذكر هي الأخرى شئ، فقال له الخليفة سوف أعطيك وزن لوح الكتابة ذهبًا فعلى ماذا كتبتها؟ فقال له الأصمعي: لقد ورثت عمود رخام من أبي فنقشت القصيدة عليه، وهذا العمود على جملي في الخارج يحمله أربعة من الجنود. فـ أحضروه فوزن الصندوق كله. فقال الوزير: يا أمير المؤمنين ما أظنه إلا الأصمعي. فقال الأمير: أمط لثامك يا أعرابي. حينها أزال الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي. فقال له الأمير: أتفعل هكذا بأمير المؤمنين يا أصمعي؟!. قال: يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا. قال الأمير: أعد المال يا أصمعي. قال: لا أعيده. قال الأمير: أعده. قال الأصمعي: بشرط. قال الأمير: فما هو؟ قال: أن تعطي الشعراء على قولهم. قال الأمير: لك ما تريد