الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد:-
يا زراع الخير، ها هو الشهر أقبل عليكم، وبفيض الله ونفحاته حلَّت البركة علينا وعليكم، فالخير سيكون لنا إذا اغتنمنا من كل العبادات، وطرقنا أبواب ربِّ الرحمات نبتغي القبول والجزاء من حسن ما وفَّقنا الله لأداء العبادات.
فشهر رمضان شهر الجود والإنفاق، شهر النفوس السخية، والأكُف الندية؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان”؛ (رواه البخاري).
فإذا كنت زارعًا لسنابل الخير في رمضان؛ فهنيئًا لك بما سُجل لك من الحسنات؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261].
هل علمت ما هي العبادة التي يتضاعف أجرها وثوابها؟ إنها الصدقة، فإذا كان الدعاء والصيام متلازمين، فإن رمضان والصدقة لا يفترقان؛ فهي عبادة مضاعفة إلى ما شاء الله، والصدقة أداؤها عظيم في سائر الشهور والأيام، فكيف بها إذا أُخرجت في رمضان، وتحلَّت بشرف الزمان، ومضاعفة الثواب بها، فإذا كانت الأعمال تتباهى بصاحبها، فالصدقة من أعظم العبادات، فتتباهى بصاحبها وتفخر على غيرها من الأعمال والعبادات؛ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم”.
ومن الأحاديث الدالة على عِظَم أجر الصدقة قوله صلى الله عليه وسلم: “ما تصدق أحدٌ بصدقة من طيب – ولا يقبل الله إلا الطيب – إلا أخذها الرحمن بيمينه – وإن كان تمرة – فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل؛ كما يربي أحدكم فُلُوَّه أو فصيله”.
وقوله صلى الله عليه وسلم: “والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا”؛ (صحيح ابن حبان ).
و قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (الصدقة تفدي العبدَ مِن عذاب الله، فإنَّ ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه، فتجيء الصدقة تفديه من العذاب، وتفكُّه منه)؛ الوابل الصيب .
ولا تنسَ أن تتصدَّق بأجمل ما لديك؛ ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وهذا في قوله عز وجل في الحديث القدسي: “يا بن آدم، أَنفقْ أُنفقْ عليك”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة، إلا زاده الله بها كثرةً”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “ما مِن يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا”؛ ( متفق عليه).
وأعمال الصدقة كثيرة في رمضان؛ منها: إطعام الطعام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيما مؤمن أطعم مؤمنًا على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنًا على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم”؛ (صحَّحه الألباني).
فهناك الكثير من المسلمين والمحتاجين والفقراء، جوعى وعطشى، فكن يد الخير والأمل التي تمتد إليهم، وتزيل عن أطفالهم آهات الجوع، كن لهم سنبلة خيرٍ، فيتضاعف لك الأجر والثواب مما أنفقت.
و قال صلى الله عليه وسلم: “مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء”؛ (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
ومن فوائد الصدقة وإكثارك من إخراج سنابل الخير في شهر رمضان:
• أنها وقاية من عذاب النار؛ .• أنها تدفع عنا البلاء والوباء والمرض بإذن الله؛و لها أثر طيب في قبول الدعوات، • زيادة في الرزق؛ • الصدقة سبب لدخول الجنة
• واحتساب النفقة على أهل بيتك صدقة؛ عن عقبة بن عمرو رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أنفق الرجلُ على أهلِه نفقةً وهو يحتَسِبُها، كانت له صدقةً”؛ (صححه الألباني).
• ويقول النبي أيضًا في فضل الصدقة: “الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة الرحم”؛ فلنجمع إخوتي في الله بين العبادتين، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح).
هيَّا لنكن من أصحاب الهِمم العالية والغايات السامية، لنكن يد العون التي تمتد إلى كل نفس تعففت في طلب السؤال، وكتمتْ آهات الذل والفقر والجوع، ابحثوا عمن لا يسألون الناس إلحافًا، قدموا الخير لأنفسكم، ورققوا القلوب، وخفِّفوا من معالم البؤس والحزن في النفوس؛ ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ﴾ [البقرة: 272].
بقلم / الدكتور / أحمد طلب الشريف وكيل وزارة المنطقة الأزهرية بمديرية المنيا