سقط مسلسل ” رسالة الإمام “
فى فخ اللهجة العامية
كتب هشام صلاح
رحم الله شاعر النيل حافظ ابراهيم – حين قال –
– أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ
– وَأَسمَعُ لِلكُتّابِ في مِصرَضَجَّةً فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي
وكأن شاعرنا تنبأ بما هو عليه حال لغتنا العربية الآن فنعاها بقصيدته وبث شكواها بعد أن كثرت أخطاء رجال الصحافة وتراجع الكتاب عن لغتهم الفصحى وها نحن اليوم نجد الإعلام ممثلا فى مسلسلاته وبرامجه ينافس الجرائد فى نشر الأخطاء واستبدال الفصحى بعامية ضعيفة بالبناء والتركيب ولعل مسلسل «رسالة الإمام» والذى قام ببطولته خالد النبوي صورة فجة لتلك المغالطات وذلك بسبب ضعف اللغة العربية الفصحى فيه حيث كان من المفترض بعده وخلوه من اللهجة العامية، فسمت الأعمال التاريخية الحفاظ على الفصحى والابتعاد عن العامية مما يسبغ عليها الوقار والقدرة على الإقناع فكان استخدام اللهجة العامية إحدى نقاط ضعف العمل الفنى
فما إن بثت الحلقات الأولى حتى تصاعدت موجة الانتقادات فاتهمه البعض بأنه تضمن معلومات خاطئة عن حياة الإمام الشافعي، وقال آخرون إن تداول جمل بالمسلسل باللهجة العامية، خطأ تاريخى وتزييف للحقائق فالعامية المصرية لم تكن متداولة في وقت وجود الإمام الشافعي في مصر.
وهذا ما أوضحه الكاتب والمتخصص في التاريخ القديم، محمود سالم الجندي، عبر صفحته قائلا: “كان في مصر مجموعتين من اللغات لا ثالث لهما ليس من بينها ما يعرف اليوم (باللهجة أو العامية المصرية )
الأولى “العربية الفصحى وكانت منتشرة في المناطق التي سكنتها القبائل العربية بعد الفتح مثل بلبيس وغيرها من مدن وقري الدلتا وكذا بعض المناطق في الصعيد وأهمها الفسطاط حاضرة القطر المصري وأخواتها. وفي هذه المناطق تكلم الناس كما قلنا بلغة القرآن وبشكل أصيل دون شوائب
الثانية من اللغات فهي اليونانية واللاتينية.. وهي لغات الدول السابقة على الفتح والتي انتشرت في المدن الإغريقية في مصر مثل الإسكندرية في الشمال وبطلمية في الجنوب. وكانت لغة الأقباط والتي مزجوها ببعض المفردات المصرية القديمة، ثم بقايا لغات ولهجات مصرية قديمة كان يتكلم بها المصريون والذين عاشوا في قرى ونجوع وأقاليم مصر بعيدا عن مدن الأقباط النصارى ومدن العرب المسلمين”.
وأكد أن “اللهجة او العامية المصرية لم تبدأ في الظهور والانتشار الا بعد فترة طويلة من الفتح الإسلامي لمصر واستمر الناس في مصر لا يتكلمون إلا الفصحى أو اليونانية واللاتينية أو بقايا لغات ولهجات مصرية قديمة لما بعد موت الإمام الشافعي “.
وأضاف الجندي: “الإمام البويطي صاحب الشافعي كان يتكلم العربية الفصحى فهو من قبيلة قرشية استقرت في صعيد مصر وأهم مناطقها بويط التي ولد فيها الإمام أبو يعقوب يوسف بن يحيى القرشي فلقب بها فيقال البويطي”.
ولم تتوقف أخطاء مسلسل رسالة الإمام عند حد العامية بل إمتدت لتقدم زيفا آخر وخطأ فجا
حين زيف أحد المشاهد عن قصد أو غير قصد علم الإمام الشافعى بالطب وذلك من خلال مشهد عرض الإمام الشافعي فيه زوجته المريضة على طبيب أو راهب قبطى ، فهذا المشهد لا يعكس علم الإمام الشافعي بالطب الذي كان يقارب علمه بالشرع.
حتى وصل الأمر بالبعض لعرض ستة أخطاء أخرى وردت بالمسلسل
ختاما : يجب على القائمين على مثل تلك الأعمال التدقيق الكامل قبل الشروع فى خروج مثل تلك الأعمال التاريخية للنور فساحة الفضاء الإعلامى ليست بمعزل عن أعين النقاد ومتابعات المثقفين لهذا ينبغى الحذر ثم الحذر
فعذرا للإمام الشافعى أن طالته تلك السقطات الإعلامية والتى طالت العديد من مناحى الحياة فى مصرنا الحبيبة