كتب- نشأت النادي
منذ أن تم وضع حجر الأساس لسد النهضة في ابريل من عام 20111 والحديث عنه في الاعلام المصري لم يكن على المستوى المطلوب لا مهنيا ولا فنيا ولا حتى استراتيجيا ففي عهد الرئيس المعزول/ محمد مرسي تناول الاعلام المصري القضية من منظور سياسي بحت ولم تكن التغطية الاعلامية إلا انعكاسا للصراع السياسي بين مؤيدي النظام ومعارضيه وانقسم الاعلام على نفسه بين اعلام مؤيد لنظام سياسي قائم وبناءا عليه فان دوره كان يتسم بالتهوين من بناء مثل هكذا سد أما الاعلام المناوئ أو المعارض فكان التهويل سبيله الوحيد لتشويه صورة الرئيس والاستهانه به واظهاره في موقف ضعف رغم أن كل ذلك ينعكس على صورة الدولة وليس النظام السياسي القائم، لكن الظاهرة الواضحة والأكيدة أنذاك هي الجو الديمقراطي وحرية التعبير التي كان ينعم فيها الجميع.
منذ ذلك التاريخ لم تستطع المؤسسات الاعلامية العامة والخاصة أن تتناول الموضوع من خلال خبراء في مجال الري أوباحثين جولوجيين أو خبراء قانونيين أو مختصين في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لم يحدثنا الاعلام عن التدابير اللازمة في حال نقص حصة المياه التي تأتي لمصر ولم يتناول الاعلام الخيارات السياسية والقانونية التي يمكن أن تتخذها مصر في هذا الشأن ولم يناقش الاعلام المدة التي يمكن لاثيوبيا أن تخزن خلالها بحيرة تمتلئ بـ 70 مليار متر مكعب من المياه أمام السد لتوليد الكهرباء، وما هي الفترة الآمنة التي يمكن من خلالها التخزين دون تأثير كبير على حصة مصر، لم يدلنا أحد عن حجم بحيرة ناصر ومدى تعويضها لنقص المياه أثناء عملية التخزين ونسبة البخر التي ستحدث في البحيرة الجديدة أمام سد النهضة ونسبة البخر في بحيرة ناصر ومدى تأثيرهما على حصتنا.
في الثالث والعشرين من شهر مارس 20155 تم توقيع وثيقة النهضة بين اثيوبيا والسودان ومصر باعتبارهم الدول المعنية بالمشروع ورغم أن الوثيقة هي عبارة عن إعلان مبادئ إلا أنها حدث يجب الوقوف عليه لتبيين اسبابه وأهدافه في المرحلة القادمة ومع توقيع هذه الاتفاقية أثيرت قضية السد مرة أخرى بعد أن تبدلت الأدوار، فالاعلام المعارض أثناء حكم الرئيس المعزول أصبح إعلاما موالي، والإعلام الموالي سابقا أصبح إعلاما معارضا الآن، ومع تبدل المواقف انكشف الزيف والكذب والتضليل فمن كان يوهمنا بالعطش وتصحر ملايين الأفدنة الزراعية أصبح يقول الآن (عاش سد النهضة) ويمجد في وثيقة ممهدة لعدة اتفاقات قادمة ولاغية لاتفاقات قديمة كانت تعتبر خط الدفاع الأخير عن حقوقنا المائية، أما الإعلام المعارض فقد تم اسكات معظمه والسعي والمحاولات حثيثة لاستئصال ما تبقى منه وسد حنكه.
الأمر الحقيقي والمتيقن منه الآن أن الجو الديمقراطي أصابته التقلبات والزعابيب وأن حرية التعبير انتهت إلى غير رجعة وأن المعارضة القائمة على أسس علمية ومهنية أصبحت خيانة للوطن واصطفاف مع أعاديه وأن مصر ستحيا حتى لو عطش شعبها ورغم كل ذلك فإن السد أصبح حقيقة وواقعا على الأرض وأن حصة مصر من المياه ستتاثر وأن الشعب المصري الذي كان يحتاج لحصة أكبر من المياه لاستصلاح وزراعة مئات الالاف من الأفدنة الجديدة أصبح اليوم أمام معضلة كبيرة مع زيادة عدد السكان وازدياد الحاجة للمياه وبات الأمر صادما أمام الجميع معارضين وموالين.
اليوم مصر تحضر مفاوضات دول حوض النيل بمدينة “عنتيبي” وهي المفاوضات والاتفاقيات التي رفضتها مصر مسبقا فهل رضخت مصر ووافقت على بنود اتفاقية عنتيبي المرفوضة من قبل فهل هذه تبعات اتفاقية اعلان المبادئ الموقعة قبل عامين ونزولا على الأمر الواقع المتمثل في جسم السد الآن.
خلاصة القول: اثيوبيا تبني سد النهضة ومصر تبني سد الحنك!!!!