ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، كلمة خلال وقائع إعــلان نتائج بحــث الدخــل والإنفاق والاستهلاك بجمهورية مصر العربية للعام 2019 – 2020، بحضور عدد من الوزراء، ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومسئولي الجهاز.
واستهل رئيس مجلس الوزراء كلمته، بالإعراب عن سعادته واعتزازه لمشاركته في إعلان أبرز النتائج والمؤشرات حول الدخل والإنفاق، مُوجها الشكر لجميع العاملين بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على تفانيهم وإنجازهم لهذا العمل، الذي يُغطي كافة الاحتياجات من البيانات والإحصاءات؛ سـواء الاجتماعية، أو الاقتصادية أو غيرها، والتي تُساعد مُتخذي القرار في مختلف قطاعات الدولة على التخطيط الجيد السليم، القائم على منهج علمي دقيق، وهو نهج دائم للدولة تسير وفق أسسه.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة، بكافة أجهزتها، تعتمد بالفعل اعتماداً كلياً على أرقـام ومؤشرات الجهـاز، والتي لها دور كبير في العديد من المجالات، خاصة ملفات التنمية، وهذا يتضح من تقدير القيادة السياسية للدور المهم الذي يقوم به الجهاز، مشيرا، في هذا الصدد، إلى تفضـل الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بزيارة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مرتين في عام 2017، إحداهما عند إطلاق التعداد، والثانية عند إعلان نتائج هذا التعداد.
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي، خلال كلمته، إلى أن الدولة بكل أجهزتها تنتظر إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق لعام 2019/2020 ، والذي يمثل بمثابة نقطة ارتكاز يتم الاعتماد عليــه في العديد من خطط الحكومة، والمشروعات التنموية التي تنفذها الدولة؛ من أجل رفع مستوى الدخل للأسر المصرية، وتخفيض معدلات الفقر، لافتا إلى أن جميع مشروعات الحماية الاجتماعية، التي أطلقها الرئيس السيسي بدأ التخطيط لها وتنفيذها من منطلق تحسين هذه المؤشرات، حتى يشعر المواطن المصري، على مختلف مستوياته، بثمار التنمية التي يتم تحقيقها على أرض الواقع، وتنعكس إيجابا على مستوى معيشته.
كما أكد رئيس الوزراء أن الدولة وهي تقوم بتنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية تضع نصب أعينها تحقيق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030، وأهدافها، قائلا: نحن لدينا حلم كبير، ونواصل الليل بالنهار لتحقيقه، ويتمثل في أن تصبح مصر في صدارة ومن أفضل دول العالم التي تكون بحلول هذا العام قد حققت أهدافها التنمية المستدامة.
وأعاد الدكتور مصطفى مدبولي التذكير بنتائج البحث والإنفاق التي تم إعلانها في عام 2019، والتي كانت نتائجه ومؤشراته تعبر عن إحصاءات العام 2017-2018، حيث تم توجيه بعض الانتقادات والنقاشات حول زيادة معدلات الفقر، التي كانت قد وصلت في حينها إلى 32,5% على مستوى الجمهورية.
وقال رئيس الوزراء: على الرغم من أن الحكومة أوضحت في حينها أن هذه النتائج جاءت مباشرة عقب بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وكذلك عقب صدور قرار تعويم العملة المحلية في نوفمبر 2016، ولم يكن لدينا أي تخوف من هذه النتائج وقررنا إعلانها بمنتهى الشفافية لأننا نسير وفق منهج علمي مدروس، لافتا إلى أنه تم شرح مبررات وأسباب هذه النتائج، وأنها كانت نتاجا طبيعيا للإصلاح الاقتصادي، لكننا في الوقت نفسه أشرنا إلى أن هذه المؤشرات ستشهد تحسنا تدريجيا وهو ما حدث بالفعل؛ حيث لأول مرة منذ 20 عاما ( 1999) نشهد انخفاضا لمعدلات ونسبة الفقر في مصر ليصل إلى 29,7%، وهذه بالتأكيد خطوة مهمة، لكننا كحكومة تعتبر خطوة غير كافية، مستعيرا عبارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إن كل ما يتم تنفيذه في الدولة المصرية هو خطوة من ألف خطوة مطلوبة لتقدم ونماء هذه الدولة.
وأضاف رئيس الوزراء: رغم كل ما يقال عن أن حجم الإنجاز في المشروعات التنموية والخدمية حاليا غير مسبوق، لكن لدينا قناعة كدولة هي أن كل ما تم تنفيذه مجرد خطوة من ألف خطوة نسعى لتحقيقها؛ لنضع بلادنا في المكانة التي تستحقها، لافتا في هذا السياق إلى توجيهات الرئيس السيسي، ومتابعته اليومية للحكومة من خلال إطلاق العديد من المبادرات والمشروعات القومية، مُستعرضا بعض الأرقام التي توضح ما تقوم به الدولة لتحسين مستوى معيشة المواطنين والقضاء على الفقر، والتي جاءت جائحة ” كورونا” لتحدث بعض التباطؤ في إحراز النتائج المرجوة بشكل سريع من حيث تخفيض معدلات الفقر، لكننا مستمرون في الطريق السليم لتنمية الدولة، من خلال العديد من المبادرات للحفاظ على المكتسبات التي تحققت بتوجيه القيادة السياسية.
وفي ضوء ذلك، أشار رئيس الوزراء إلى استمرار دعم السلع التموينية والخبز الذي يغطي 84% من الأسر المصرية، وشهدت قيمة الدعم الموجه لها ارتفاعا ملحوظا، بالإضافة إلى دعم استهلاك الكهرباء والمياه والغاز، رغم ما شهدته من ارتفاعات في بعض المرافق، لكن الدولة لا تزال تقدم دعما كبيرا للغاية للفئات محدودة الدخل ومستمرة في دعمها، مؤكدا أنه لولا استمرار الدولة في تقديم هذا الدعم لكانت نسبة الفقر زادت بمعدل 10 نقاط مئوية وفق ما أشارت نتائج البحث والإنفاق، كما عملت الدولة خلال الفترة الأخيرة على زيادة الأجور وبالفعل شهدت زيادة ملحوظة، ونجحت الدولة في كبح جماح التضخم، وهذه نقطة مهمة للغاية.
كما نوه الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه في عام 2011 كانت هناك مطالب فئوية بزيادة الأجور، لافتا إلى أنه قبل هذا العام كان إجمالي حجم الأجور في الدولة يبلغ 80 مليار جنيه، وحاليا وصلت الأجور إلى 334 مليار جنيه، وكنا نشجع القطاع الخاص كذلك على زيادة الأجور، مستدركا بقوله : نظرا للظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد بعد 2011، تآكلت الزيادة في الأجور، لكننا الآن ولأول مرة هناك زيادة في الأجور يقابلها انخفاض التضخم، فبدأ المواطن يشعر بتحسن حقيقي في دخله.
وتطرق رئيس مجلس الوزراء للمبادرات التي أطلقها رئيس الجمهورية من أجمل تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات محدودة الدخل، ومن بينها ” تكافل وكرامة” التي تغطي حاليا أكثر من 3,6 مليون أسرة، والتي من المخطط أن تصل هذا العام إلى أكثر من 4 ملايين أسرة ، وأغلبها في ريف صعيد مصر، مشيرا إلى مبادرة ” حياة كريمة”، التي بدأت الدولة تنفذها على مدار السنة والنصف الماضية، وكان توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ أيام قليلة، بالبدء على الفور في تغطية 1000 قرية وتجمع ريفي جديد ضمن هذه المبادرة، وذلك بالتوازي مع ما يجري تنفيذه بها حاليا، لافتا إلى أن كل ذلك يستهدف المناطق الفقيرة والقضاء على مظاهر الفقر المختلفة في تلك المناطق.
كما تطرّق رئيس الوزراء أيضا إلى العديد من جهود الدولة الأخرى في مجال الصحة، وتشهد تنفيذ العديد من المبادرات؛ من أجل القضاء على “قوائم الانتظار” لإجراء الجراحات، و”100 مليون صحة”، ودعم “صحة المرأة والطفل”، بالإضافة إلى التطعيمات، وكل ذلك يؤدي بصورة مباشرة إلى انخفاض معدل إنفاق الأسر على الصحة، بما يتيح لهذه الأسر أن ينفقوا على مناحٍ أخرى وتحسين ظروفهم المعيشية.
وخلال كلمته، تناول الدكتور مدبولي ما تم تنفيذه في مجال الإسكان الاجتماعي، والإسكان البديل للعشوائيات، حيث تقوم الدولة بخطى حثيثة للقضاء على ظاهرة العشوائيات بالكامل، والانتقال في الوقت ذاته للمناطق غير المخططة لتحسين مستواها، كما تحدث في الوقت نفسه عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وفرص العمل الكبيرة التي تم إتاحتها من خلال المشروعات القومية، والتي كانت أبلغ رد على كل ما يقال عن أهمية هذه المشروعات، مشيراً إلى أن تلك المشروعات الضخمة التي تم تنفيذها وفرت 5 ملايين فرصة عمل، واستوعبت أعدادا كبيرة من الشباب.
كما تطرق رئيس مجلس الوزراء إلى مشروع تبطين الترع وأهميته، وكذا المشروع القومي للتحول للري الحديث بالريف المصري، والذي يمنح الفلاح فرصة إنتاج بعائد أكبر من الأراضي الزراعية، مع تقليل هدر المياه بصورة واضحة، فضلاً عن المشروعات الخاصة بالبنية الأساسية من الكهرباء، والغاز، والمياه والطرق، والتي تسهم بصورة كبيرة في تحسين المؤشرات التي نحن بصددها.
وأفرد رئيس الوزراء جانبا من كلمته للحديث عن أرقام محددة، لافتاً إلى أننا نرى أن الفقر يزيد مع زيادة السكانية، ففي العام 1999/2000 كانت نسبة الفقر بمصر تصل إلى 16.7%، واليوم نجحنا في خفض نسب الفقر من 32% إلى 29,7%، وهذا الفارق الشاسع في نسبة الفقر بين العامين يؤكد أن جزءا كبيرا من هذه المشكلة الكبيرة يرتبط بالزيادة المطردة للسكان، لافتا إلى أنه مهما كانت قدرات أي دولة وأي حكومة في العالم، ومهما تم العمل ليل نهار على تحقيق تنمية وخلق فرص عمل، فإنه طالما ظلت معدلات الزيادة السكانية كبيرة، فلن نشعر بصورة حقيقية بحجم ما يتم على الأرض، وسنضطر إلى البحث عن موارد أكبر بكثير للغاية ونحتاج وقتاً أطول لنحقق النمو الحقيقي والتنمية الحقيقية لهذه الدولة.
وقال مدبولي: من المهم جداً جميعا كمواطنين وأجهزة في الدولة أن نعي تماماً أن التحدي الحقيقي للسنوات العشر المقبلة هو كيف نحقق ضبط النمو السكاني، فكلما ننجح في تقليل الزيادة السكانية، قلت نسب الفقر وزاد الشعور بثمار التنمية، موضحا أن الدراسة التي تمت تقضي على الفكرة السائدة لدى الأسر البسيطة وتتمثل في أنه كلما تم إنجاب الأبناء فالرزق يزيد، وفق مقولة : “الطفل بييجي برزقه”، مؤكداً أن النتائج أبلغ تعبير من أنه كلما زاد عدد أفراد الأسرة يزيد الفقر بصورة كبيرة جداً لأن لكل طفل احتياجات، وهذه الاحتياجات تزيد مع زيادة عدد الأطفال بصورة أكبر بكثير من الدخل الذي قد يساهم الطفل في توفيره لهذه الأسرة من خلال العمل، وكلما زاد العدد نقع أكثر في فخ الفقر؛ لذا يعد هذا الموضوع قضية محورية أمامنا كدولة وحكومة ونضع سياسة واضحة ونأمل على مطلع العام القادم في إطلاق برنامج قومي ضخم لهذه المسألة.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أثر التعليم الواضح في تقليل معدلات الفقر، مشيراً إلى أن الأرقام تؤكد أنه كلما زاد مستوى التعليم انخفض معدل الفقر، وهذا مهم أيضاً فيما تقوم به الدولة من رفع جودة التعليم وزيادة حجم المؤسسات التعليمية وعددها، سواء في التعليم ما قبل الجامعي أو الجامعي، أو التعليم الفني والحرفي.
وفي ختام كلمته، توجه رئيس الوزراء بالشكر للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والعاملين به على هذا البحث المهم للغاية للدولة والحكومة، مؤكدا أنه مؤشر مهم على التحرك والخطوات القادمة، ولافتا إلى أن الحكومة لا يزال أمامها تحد في ريف الوجه القبلي، على الرغم من كل المشروعات التي تتم، لكن الدولة تسعى لتعويض ريف الوجه القبلي عقودا من الإهمال التي حدثت في الماضي والعمل على خفض معدلات الفقر في هذه المناطق.