شاركت د/هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بمنتدي مستقبل الرخاء بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية الذي عقدته غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة اليوم بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري الأمريكي بحضور جوناثان كوهين السفير الأمريكي الجديد بالقاهرة.
وأوضحت د/هالة السعيد خلال كلمتها أنه بالنظر إلى التجربة التنموية لمصر في السنوات الخمس الأخيرة من الضروري أن تكون نظرتنا أكثر شمولاً وإلماماً بكافة المتغيرات والتحـديات التي شكلت بيئة العمـل وانطلقـت منها هذه التجـربة، مؤكدة أن التقدير الدقيق لحجم الإنجاز يقاس بحجم التحدي موضحة أن التغيرات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة؛ وتحديداً منذ يناير عام 2011، وما ترتب عليها من تراكم للاختلالات الهيكلية التي عاني منها الاقتصاد المصري لعقود طويلة سواء في القطاع الحقيقي أو في القطاع المالي، والنقدي أو في القطاع الخارجي أثرت سلباً بتراجع أغلب مؤشرات الاقتصاد الكلي .
وأكدت د/هالة السعيد على أهمية تكثيف العمل الجاد والمتواصل، والذي يرتكز على تخطيط شامل ورؤية طموحة للمستقبل، لافته إلى قيام الدولة بوضع “استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030″، والتي أطلقتها الحكومة في فبراير عام 2016 فضلًا عن التطبيق الناجح للبرنامج الوطني الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والتي نفذت الدولة المصرية خلاله العديد من الإصلاحات لتحقيق الاستقرار الكلي، والنمو الشامل والمستدام، فعملت على ضبط السياسة المالية والنقدية بإعادة هيكلة بعض القطاعات وفي مقدمتها قطاع الطاقة، وتحرير سعر الصرف، وتحسين مناخ وبيئة الاستثمار، بهدف زيادة القدرات التنافسية، وإعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وتحفيز النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص كشريك رئيسي للحكومة في تحقيق التنمية.
وتابعت السعيد أنه تحقيقًا لذلك نفذت الدولة العديد من الاصلاحات التشريعية والمؤسسية بإصدار حزمة من القوانين والتشريعات والتي تهدف إلى الهدف تبسيط إجراءات إقامة المشروعات، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار المحلي والأجنبي، إلى جانب حرص الحكومة على تفعيل الاستفادة من التسهيلات التي تقدمها القوانين والتشريعات، من خلال عدم الاكتفاء فقط بإصدار التشريعات، بل بالعمل على متابعة التطبيق الفعلي لهذه التشريعات، وتأهيل وحدات واجهزة الدولة المسئولة عن التنفيذ، مع الحرص كذلك على التواصل المباشر مع القطاع الخاص والمستثمرين بشأن أية معوقات قد تواجههم في الواقع العملي.
وأشارت السعيد إلى إيمان الدولة أن المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي لن يأتي للعمل والاستثمار في مصر إن لم يتوافر له البنية التحتية اللازمة، مؤكدة على سعي الحكومة خلال السنوات الأخيرة لتهيئة البنية الأساسية وتحسين جودتها، بما يشجع على جذب المستثمرين ومشاركة القطاع الخاص، وبما يسهم في الوقت ذاته في تحسين جودة حياة المواطنين، والذي يأتي في مقدمة أولويات الدولة المصرية، لتشهد السنوات الاخيرة تكثيف الاستثمار في مشروعات البنية التحتية وأهمها؛ مشروعات الشبكة القومية للطرق بالإضافة إلى مشروعات قطاع الطاقة خاصة التوسع في مشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة بالشراكة مع القطاع الخاص، بإنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم في منطقة بنبان في محافظة أسوان، والذي حصل في مطلع العام الجاري على الجائزة السنوية للبنك الدولي لأفضل مشروعات البنك تميزاً على مستوى العالم، فضلاً عن مشروعات تنمية محور قناة السويس، وإقامة المناطق الصناعية، والتوسع في انشاء المدن الجديدة من بينها إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بهدف زيادة الانتشار العمراني وتخفيف الضغط على الخدمات المتوفرة في المدن القائمة.
وأضافت السعيد أن فلسفة وتوجه الدولة ارتكزت هنا على زيادة الاستثمارات العامة بحيث تكون أكثر تحفيزاً للاستثمارات الخاصة، نظراً للدور المهم الذي تلعبه تلك الاستثمارات في تطوير مستوى البنية الأساسية وفي الروابط الأمامية والخلفية التي تربطه بالقطاع الخاص.
وفي إطار تشجيع القطاع الخاص أشارت السعيد إلى اتجاه الدولة نحو التوسع في إنشاء التجمعات الصناعية الجديدة، وطرح الأراضي الصناعية المرفقة بمختلف المناطق على مستوى الجمهورية، فضلاً عن الانتهاء من خريطة الاستثمار الصناعي بالمحافظات، وإطلاق بوابة حكومية إلكترونية لخريطة مصر الاستثمارية لحجز الأراضي الصناعية.
ولفتت السعيد إلي اهتمام الحكومة المصرية بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والذي يحظى بأولوية لدوره المهم في خلق فرص العمل اللائق والمنتج، ولتميزه بتحقيق قيمة مضافة عالية وتحقيق التنمية المكانية والمساهمة في التوازن الإقليمي للتنمية، مشيرة إلى كونه يمثل أحد المفاهيم والمستهدفات الرئيسة التي ترتكز عليها رؤية مصر 2030.
وتابعت د/هالة السعيد ان الدولة تعول على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كأحد الآليات الفعالة لاستدامة النمو المتحقق في السنوات الاخيرة، لافته إلى اتخاذ الحكومة خلال السنوات الأخيرة عدداً من الاجراءات الجادة لتشجيع هذا القطاع تميزت هذه الإجراءات بشمولها مختلف الجوانب الداعمة لبيئة عمل هذه المشروعات؛ سواء في الجانب التمويلي أو الجانب التشريعي بالسعي للانتهاء من إجراءات إصدار قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن الدعم المؤسسي بإنشاء جهاز واحد مسؤول عن هذا القطاع؛ هو جهاز تنمية المشروعات، بالإضافة إلى توفير الخدمات غير المالية وريادة الاعمال: ويشمل ذلك توفير؛ الخدمات التسويقية واللوجستية والتكنولوجية وتوفير التدريب لتأهيل الكوادر البشرية مع العمل على الربط بين دور جهاز تنمية المشروعات ومختلف المبادرات الداعمة لهذا القطاع.
وأضافت السعيد أن الدولة تعمل كذلك على تشجيع كافة البرامج والمبادرات الداعمة لجهود تنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال التوسع في إقامة المجمعات الصناعية (كثيفة العمالة) مثل مدينة دمياط للأثاث ومدينة الروبيكي للجلود ومنطقة مرغم للصناعات البلاستيكية.
وفي السياق ذاته أشارت د/هالة السعيد إلى إدراك الدولة المصرية أهمية تحقيق الإصلاح الإداري كضرورة لرفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال، وكأحد المقومات الرئيسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لافته إلى خطة الحكومة الشاملة لحوكمة وإصلاح الجهاز الإداري تُشرِف على تنفيذها وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح والاداري، بالتعاون مع مختلف الجهات المصرية، ويتزامن ذلك مع الإعداد الجاري للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة ـ، مشيرة إلى أن الخطة تضمنت عددًا من المحاور أهمها تحقيق الإصلاح التشريعي، وتحديث القوانين المنظمة لعمل الجهاز الإداري للدولة، والتطوير المؤسسي باستحداث وحدات جديدة في الجهاز الإداري للموارد البشرية والمراجعة الداخلية والتدقيق، وتحسين وميكنة الخدمات الحكومية.
وفي سياق محور بناء القدرات أشارت إلى أن برامج التدريب التي نُفذِت في إطار خطة الدولة لإصلاح الجهاز الإداري قد أثمرت عن تدريب عدد إجمالي بلغ نحو ٢٤ ألف متدرب في العديد من البرامج المتخصصة وفي مختلف المستويات الإدارية سواء القيادية أو الإدارة الوسطى أو الإدارة التنفيذية مع إيلاء اهتمام خاص بالبرامج الموجهة للشباب، وإعداد الكوادر من القيادات النسائية.
وتابعت السعيد أنه يتوازى مع خطة إصلاح وحوكمة الجهاز الإداري التوجه الجاد الذي تتبناه الدولة ويحظى باهتمام خاص ودعم كامل من القيادة السياسية بالتحول إلى مجتمع رقمي وتشجيع استخدام وسائل الدفع الالكتروني والحد من التعامل النقدي، بهدف مكافحة الفساد، وتحقيق الشمول المالي، وزيادة كفاءة السياسات النقدية والمالية وتسهيل التسويات المالية، وتهيئة البيئة الداعمة للمنافسة والاستثمار وخلق فرص العمل اللائق والمنتج.
وأشارت السعيد إلى أهم التحديات التي تواجهها الدولة ولعل أبرزها زيادة معدلات النمو السكاني، لافته إلى سعي الدولة لمواجهة هذا التحدي بالعمل على مساريين متوازيين هما ضبط معدلات النمو السكاني من خلال العديد من الآليات والبرامج بجانب زيادة الوعي وتصحيح الفكر والمفاهيم المغلوطة بشأن تنظيم عدد الاسرة مع العمل في الوقت ذاته على تعظيم الاستفادة من الثروة البشرية الحالية من خلال تنفيذ حزمة مختلفة من برامج التدريب وبناء القدرات والتوسع في الاستثمار في البشر.
وتابعت السعيد متناولة الحديث حول التحديات مشيرة إلى تحدي توفير التمويل اللازم للتنمية خاصة فيما يتعلق بتنفيذ مشروعات البنية الأساسية، الأمر الذي يستوجب إلى جانب رفع كفاءة الانفاق العام وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة وهو ما تعمل عليه الدولة من خلال التوسع في تطبيق موازنة البرامج والأداء مع ضرورة العمل كذلك على تنويع مصادر التمويل من خلال خلق آليات للشراكة الفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وبما يخفف العبء على الموازنة العامة للدولة، فذلك ما تسعي إليه الدولة المصرية من خلال إجراءات تشريعية ومؤسسية لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص تشمل إجراء تعديلات في قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الاساسية والخدمات والمرافق العامة الصادر والتي تستهدف مزيداً من التشجيع لمشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية، والتوسع في مجالات الاعمال التي يشتمل عليها نطاق المشاركة ليتضمن كافة أنماط المشاركة.
كما لفتت وزيرة التخطيط إلى صندوق مصر السيادي كأحد الآليات التي تعوّل عليها الدولة لخلق مزيد من فرص الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ استثمارات مشتركة تحقق النفع والمصالح المتبادلة، مشيرة إلى بداية نشاط الصندوق بتوقيع اتفاقيتين للتعاون الاستثماري بين صندوق مصر (ثراء) ووزارة قطاع الاعمال العام وبنك الاستثمار القومي بهدف تعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة للدولة وضخ استثمارات من القطاع الخاص من خلال الصندوق وزيادة العائد عليها