” رحيق القلم “
السادة والسيدات الاعلاميون والاعلاميات اسمحوا لي ان اتقدم بهذا البلاغ اليكم-وان طال بعض الشيء-لعل الله يحق بكم الحق ويبطل الباطل رضي من رضي وابي من ابي(وما يعلم جنود ربك الاهو)
لعل حضراتكم سمعتم كما سمعنا ورايتم كما راينا ذلك السباق المحموم بين طوائف متعددة فى الهجوم على السنة النبوية بتكذيب بعضها ثم بانكارها كلها تارة وبالسخرية والاستهزاء بالائمة الاعلام الذين افنوا اعمارهم فى جمعها وتدوين ماصح والتنبيه الى الدخيل عليها بكافة الوسائل وبعد ان نفضوا ايديهم من السنة راحوا يسمون انفسهم (القرآنيون)وهي كلمة حق اريد بهاباطل !!!.
ثم انساب الاستهزاء من جحره انسياب الصل الارقم (اخبث الانواع من الحيات) لتنفث سمها الزعاف فى حديث طائفة عن القرآن فراحت تهزا بآياته وبالفاظه فى جلبة وضجة عجيبة تذكر بقول الشاعر:
لان الخيل قد قلت تحلت
حمير الحي بالسرج الانيق
اذا ظهر الحمار بزي خيل
تكشف امره عند النهيق !
وعميت هذه الطائفة او تعامت عن قوله تعالي:
“ان الذين يلحدون فى آياتنا لا يخفون علينا افمن يلقي فى النار خير ام من ياتي آمنا يوم القيامة اعملو ماشئتم انه بما تعملون بصير” (سورة فصلت: ٤٠)
ولنتدبر معنى هذه الآية وهو-بايجاز- :
ان الالحاد فى حقيقته هو الميل عن الاستقامة والحق فى تدبر وفهم آيات الله ومنها الآيات الكونية التي تدل على بديع صنع الله وعظيم قدرته والآيات القولية التي تدل على سعة علمه وبالغ حكمته .
فالالحاد مستعار لبيان الانصراف والعدول عن دلالة الآيات الكونية علي ماتدل عليه والالحاد فى الآيات القولية مستعار للعدول عن سماعها والطعن فيها والاستهزاء بها وصرف الناس عن سماعها والتحريف والتاويل الباطل لها.!!
ثم يبين سبحانه ان هؤلاء الملحدون لايخفون عليه وكيف يخفون علي عالم الغيب والشهادة.
ثم يسالهم للتقرير:
اغفلتم ؟فهل من يلقي فى النار القاء القسر والالجاء خير ام من ياتي آمنا مطمئنا ويدخل الجنة يوم القيامة؛لايقول عاقل بالمساواة بينهما.ثم يامرهم سبحانه بقوله: اعملوا ماشئتم وهو امر للتهديد لانه بما يعملون بصير وسيجازي كلا على عمله.
وقد خص سبحانه الالحاد بالذكر لانه اشنع اعمالهم والاصل الذي تتفرع منه اسوا اعمالهم.
وبعد ان بين لنا سبحانه الصورة الكالحة الكريهة للملحدين فى سورة فصلت هيا بنا لنري الصورة الوضيئة المحببة الى النفوس وهي صورة رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن آمن به فى سورة(هود)
حيث يقول سبحانه:
“فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تعملون بصير. ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من اولياء ثم لاتنصرون” (هود: ١١٣،١١٢)
والمعني -بايجاز-:
فالزم يامحمد ومن آمن معك طريق الاستقامة فى الاعتقادوالعبادات والاعمال والاخلاق دون افراط ولاتفريط.
فالاستقامة تقتضي توحيد الله فى ذاته وصفاته وافعاله والايمان بالغيب من جنة ونار وبعث وحساب وجزاء وصراط وملائكة وعرش والتزام ماامر القرآن به فى نطاق العبادات والمعاملات. وهي درجة عليا وعسيرة الا على من جاهد نفسه وترفع على شهواته واهوائه لذلك كان من بين الجزاء عليها طمانة الملائكة للمؤمنين بعدم الخوف والحزن والتبشير بالجنة يقول تعالي:
“ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ان لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون”
(فصلت:٣٠)
وقداجاب رسول الله صلي الله عليه وسلم الصحابي الجليل سفيان الثقفي حينما قال: يا رسول الله قل لى فى الاسلام قولا لااسال عنه احدا بعدك فقال”قل آمنت بالله ثم استقم”
(رواه مسلم)
ونلاحظ فى الآية التى معنا ان الامر قد توجه الى النبي تنويها بشانه وتنويها بمقام رسالته ثم طلب منه ان يخاطب امته بذلك فى قوله “ومن تاب معك”اي المؤمنون بك الى يوم القيامة.
وقد جمع قوله تعالي:
“فاستقم كما امرت اصول الصلاح الديني وفروعه لقوله”كما امرت”
وقد قال ابن عباس فى شان هذه الآية:ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية هي اشد ولا اشق من هذه الآية.ولذلك قال اصحابه لقد اسرع اليك الشيب.
فقال:”شيتني هود واخواتها” قيل فما شيبك منها قال قوله”فاستقم كما امرت”
وبعد ان امر الله رسوله بالاستقامة نهي عن ضدها وهو الطغيان ولكن تامل دقة التعبير القرآني هنا حيث وجه النهي الى المؤمنين لانه صلى الله عليه وسلم حاشاه ان يطغي.
والطغيان معناه التعاظم والجراءة وقلة الاكتراث والمراد هنا الجراءة على مخالفة ماامرهم به تبارك وتعالي.
وقد شمل الطغيان اصول المفاسد فكانت الآية جامعة لاقامة المصالح ودرء المفاسد. وكان النهي عن ان يصدر من نفس المفسد وبقي ان يخشي عليه من عدوي من يخالطه فجاء النهي عن ذلك بقوله”ولا تركنوا”
لذلك يقول الحسن البصري رحمه الله :
جعل الله الدين بين لاءين “ولا تطغوا…ولا تركنوا”
وفى الآية دليل على وجوب اتباع نصوص القرآن والسنة الصحيحة والبعد عن التاويلات الباطلة والعمل بالراي الفاسد المخالف روح الشريعة ومبادئها العامة.
(ولا تركنوا) اي ولا تميلوا ادني ميل الى الظلمة اعداء المؤمنين من المشركين وكل ظالم سواء كان مشركا اومسلما.لاتميلوا اليهم بمودة او مداهنة او رضي باعمالهم او استعانة بهم وتبجيلهم اواعتماد عليهم فتصيبكم النار بركونكم اليهم فالركون الى الظالمين ظلم!!!.
وليس لكم من دون الله من انصار ينفعونكم او يمنعون العذاب عنكم ثم لا ينصركم الله تعالي لانه لا ينصر الظالمين “وما للظالمين من نصير”
(الحج:٧١)
والآية دليل على عاقبة الركون الى الظلمة وان الميل اليهم موقع فى الظلم ومزلقة تستدعي اقرارهم على ما يفعلون والرضي بما هم عليه من الظلم واستحسان طريقتهم بحجة حرية الراي !!! ومشاركتهم اعمالهم.قال القاضي البيضاوي المفسر الكبير:
ولعل الآية ابلغ ما يتصور فى النهي عن الظلم والتهديد عليه !!.
واذا كان الركون الى الظالم موجبا لعذاب النار فكيف حال الظالم فى نفسه ؟!
واي ظلم افحش من الجراءة على الله وكتابه وررسوله؟
فهل يصح ان تفتح وسائل الاعلام المسموع والمنظور والمقروء ابوابها على مصاريعها لهؤلاء الظلمة لينفثوا سمهم الزعاف بالنيل من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصالحون يحوقلون والمفسدون فى خوضهم يلعبون والعامة فى حيرتهم يترددون ؟!
واختم هذا البلاغ بما امر به الله تبارك وتعالي رسوله من التمسك بهذا القرآن وانه شرف له ولقومه وسوف يسال الجميع عن القيام بحقه والعمل به.يقول تبارك وتعالي:
“فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم.وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسالون”
(الزخرف:٤٤،٤٣)
واشكر للسادة الاعلاميين والسيدات الاعلاميات تفضل الجميع بقراءة هذا البلاغ.