بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
علي مرّ التاريخ نوع من الظلم التاريخي ضد المرأة. رغم كل ادعاءاتهم و رغم كل الجهود التي بذلها المخلصون و الصادقون و رغم كل الأعمال الثقافية الواسعة التي انجزت في خصوص قضية المرأة لم يستطيعوا لحد الآن التوصل فيما يتصل بقضية الجنسين و قضية المرأة – و تبعاً لها قضية الرجل بشكل من الأشكال – إلي صراط مستقيم و طريق صواب.
و هو علي الأغلب بسبب أنهم لم يعرفوا قدر المرأة و مكانتها. يجب أن تكتسب المرأة منزلتها الحقيقية و ينبغي أن لا يطالها أي ظلم بسبب كونها إمرأة. هذا شيء سيئ جداً. سواء الظلم الذي مورس ضد المرأة و كان اسمه ظلماً، أو الظلم الذي لم يكن اسمه ظلماً لكنه في الحقيقة ظلم، كدفع المرأة نحو التبرج و النزعة الاستهلاكية و التجمل العبثي و التكاليف الباهضة و تحويلها إلي أداة استهلاك. هذا ظلم كبير ضد المرأة.
و ربما أمكن القول أنه ما من ظلم فوق هذا الظلم. لأنه يصرفها عن مبادئها و أهدافها التكاملية و يلهيها بأشياء صغيرة و حقيرة… التطرف و الاعوجاج و سوء الفهم و تبعاً لذلك حالات الاعتداء و الظلم و النواقص النفسية و المشكلات العائلية و المشكلات ذات الصلة بطريقة الاختلاط لا تزال من القضايا غير المحلولة عند الإنسان.
أي إن البشر أنجز كل هذه الاكتشافات في المجالات المادية و في خصوص الأجرام السماوية و في أعماق البحار و راح يتشدق بدقائق الأعمال في علم النفس و التحليل النفسي و القضايا الاجتماعية و المسائل الاقتصادية و سائر المجالات، و الحق أن الإنسان تقدم في كثير من هذه الحقول، لكنه عجز عن الحل في هذه المسألة.اذا أراد البلد إطلاق نهضة بناء حقيقية فعليه تركيز جل اعتماده و نظرته و اهتمامه علي الإنسان و الطاقات الإنسانية. حينما يتعلق الأمر بالطاقات الإنسانية ينبغي الالتفات إلي أن النساء هنّ نصف عدد السكان و نصف الطاقات البشرية.
إذا كانت ثمة رؤية خاطئة بخصوص المرأة فلن يكون من الممكن إعادة البناء بالمعني الحقيقي للكلمة و علي نطاق واسع. علي نساء البلد أنفسهن أن يتوفرن علي وعي كاف و ضروري حول موضوع المرأة من وجهة نظر الإسلام ليستطعن اعتماداً علي النظرة المتسامية للدين الإسلامي المقدس الدفاع عن حقوقهن بشكل كامل.
و كذلك علي جميع أفراد المجتمع و الرجال في البلد الإسلامي أن يعرفوا نظرة الإسلام حول المرأة و أهمية مشاركة المرأة في ميادين الحياة و ممارسة المرأة لأنشطتها و تعليمها و عملها و مساعيها الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العلمية و دورها في العائلة و خارج نطاق العائلة والمنزل.لن تكون المسيرة صحيحة و لن تؤدي إلي نتائج سليمة إلا إذا ابتنت علي العقل و التأمل و التشخيص الصحيح و المصلحة و الأسس العقلية الصائبة. و أية حركة تنطلق لإحقاق حقوق المرأة يجب فيها ملاحظة هذا المعني بالتحديد. بمعني أن أي حركة يجب أن تقوم علي ركائز رؤية عقلانية و علي أساس حقائق الوجود