بقلم . الروائية .. بشرى أبو شرار
” بدأ المطر يتساقط محدثا صوتا على قمم الأسطح , شبيها بصوت الرجل الذي تم غربلته ونخله , ربما أثناء الطوفات العظيم جعل الله الناس ينامون بهذه الطريقة لكي يكون الموت سهلا ولطيفا , إذ تتسلل المياه في هدوء إلى فتحات أنوفهم وأفواههم دون أن تخنقهم , بعد أربعين ليلة من نومهم على هطول الأمطار , تغوص أجسادهم تدريجيا إلى القاع , بعد أن تصبح في نهاية الأمر أكثر ثقلا من الماء ذاته , الإرادة تموت على نحو حتمي وكل شخص آدمي له طريقته في النوم والموت , الفيضان سيستمر , الزمن يمطر علينا ويغرقنا ”
في محطة ” رمسيس ” أمطر الزمن حريقا , ملأ الأنوف والأفواه ….
في محطة ” رمسيس ” لم يكن الأمر كما كتب ” خوسيه سراماجو ” , وكان لكل شخص طريقته في النوم والموت , حريق يعانق الوجوه , يذيب ملامحها , يحيل الأجساد إلى الأسود , حتى الرماد غاب وأعلن الرحيل , لم تعد هناك عنقاء تنفض الرماد عنها وتنهض من جديد , في محطة ” رمسيس ” حريق , حريق , تكلست الأجساد وعانقت الأسود , الهواتف محروقة , أيد كانت تقبض عليها تسمع ترنيمة فرح , تفحمت على الفراغ , الشاشات تسكنها لحظات حريق , يصلني صوت يسأل من خلف الشاشات , أكاده آت من القطب الشمالي :
_ هل من تأكله النار رجل أمن !!!
_ هو عابر سبيل ….
في محطة ” رمسيس ” لم تغص الأجساد تدريجيا إلى القاع , هناك الأجساد تفحمت , كانت تعشق الحياة , تحيا بنورها , والنار حريق , حريق ..