أصبح الإعلام في عالم اليوم مرغوبا ومكروها في نفس الوقت‚ فبينما يقال دائما انه جسر للتعاون بين الثقافات وإثراء الحوار ومن ثم إزالة الكراهية بين الشعوب‚ يقال أيضا انه يتحمل المسؤولية عما آل إليه حال التفاعل بين الحضارات والعلاقات بين الشعوب والدول من تدهور‚ وبينما يقال إنه شرط ضروري لتعزيز الحرية وإثرائها لدى كل البشر بغض النظر عن ميراثهم الحضاري والثقافي‚ يقال أيضا انه آلية سهلة لتدمير الحريات ولنشر الفوضى ومن ثم فإن عليه مسؤولية في كل ما يتوخاه من مواقف وصور للتعبير مرئية كانت أم مقروءة.
كأى مجتمع يحتاج أن يتابع الأحداث ويستهلك المعلومات فلا يتوافر أمامه سبيل سوى البرامج الحوارية التى تصبح فى ذلك الوقت مصدر المعلومات لقطاع عريض من الجمهور، فالبرامج الحوارية هى المسؤولة ــ للأسف ــ عن تكوين الرأى العام، وهى بدلا من أن تقوم بهذا الدور بشكل جيد وإيجابى تعمل على إلهائه فى خلافات بين أشخاص وأشياء عبثية تماما، فأصبح بعض هذه البرامج مثل الصحافة الصفراء لا توعى الناس ولا تُحدث تنمية مجتمعية
صناعة الأخبار وأساليب إعدادها وإخراجها قد شهدت تطورا كبيرا في سنوات العقد الأخير من القرن الماضي, وقد امتد هذا التطور ليشمل لغة الخبر وطريقة صياغته وتحريره وقوالبه والشكل الذي يصل به إلى المتلقي ,وكثيرا ما كنا نقرأ في كتب الصحافة تعريفات للخبر تكاد تلتقي في مفهوم عام وهو أن الخبر وصف لحدث أن يحظى بالاهتمام.
ومن خلال التعاريف الكثيرة للخبر نستطيع ان نعرف الخبر بأنه تقرير عن حدث لم يكن معروفا عند الناس من قبل جمع بدقة من مصادر موثوقة بصحتها على أن يقوم بكتابته محررون متخصصون في العمل الصحفي.من ناحية أخرى فإن افتتاحيات بعض الصحف قد تؤخذ كدليل على اتجاه الحكومات فى الدول التى تصدر فيها الصحف.
من الثوابت في النظريات الإعلامية أن الإعلام يحقق نتائج إيجابية لصالح المخططات الإعلامية بجهود تراكمية يرفد بعضها بعضا ويتأتى ذلك من خلال تكرار الرسالة الإعلامية بوسائط متعددة ووسائل مختلفة هذه أساليب يمكن القول بأنها دعائم أساسية للتضليل أو التحريف الإعلامي كسياسة متبعة في وسائل الإعلام التي تعتمد التضليل ,,لتحقيق أهدافها وذلك لتيقنها أنها تعمل عكس الحقيقة
وحتى لا يشعر المتلقي (القارئ، المشاهد) بخيوط التضليل الإعلامي فإن شياطين الإعلام تعتمد على “برمجة اللغة العصبية” في التأثير على الرأي العام من خلال استخدام التلميح دون التصريح بحيث تدفعه دفعا نحو الفهم الذي يقصد القائم على التحرير والإخراج في الوسيلة الإعلامية.كما يعمل نشر معلومات باتجاه معين من جانب فرد أو جماعة في محاولة منظمة للتأثير في الرأي العام و تتمثل بالأساس في التأثير المتعمد في المعلومات والآراء والاتجاهات والمعتقدات والسلوك وذلك في الاتجاه الذي تستهدفه الجهة القائمة على المعلومة.
أننا لا نستطيع القول بأن هناك نوعاً معيناً من الإعلام هو المسؤول عن تكوين الرأى العام وتوجيهه، خاصة فى ظل مجتمع مثل المجتمع المصرى يتحرك داخل الحذاء أولاً.. وربما يعدل قناعاته أو يغير آراءه لكنه لا يتحرك ليفعل أى شىء على أرض الواقع ومن ثم يصعب فى أحيان كثيرة رصده ومعرفة توجهاته».
إن فك الارتباط بين الإعلام والسياسة بصورتها الراهنة سواء بالنسبة للدول المتقدمة أو دول العالم الثالث هو المخرج من الاتهام الموجه الآن للإعلام بأنه لم يعد وسيلة لتجسيد الفجوة بين الشعوب بقدر ما أصبح موضعا لتبديد الثقة فيما بينهما‚ بمعنى أنه يتعين العمل أولا على تحرير الإعلام من أخطاء السياسة قبل الحديث عن أخلاقيات المهنة أو صياغة إطار للتوافق حول جانب المسؤولية الملقى عليه