كتب : على الصاوى
سيجتمع ستة وخمسون زعيما مسلما وعربيا في الرياض للاستماع إلى ترامب وهو يلقي عليهم محاضرة في الديمقراطية وموعظة في الإسلام.. ما أغرب هذا العالم الذي بتنا نعيش فيه”
بهذه الكلمات أنهى الكاتب البريطانى ديفيد هيرست فى موقع” ميدل إيست آى” مقاله الأسبوعى عن زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية وقال إن البيض الأبيض تغمره سعادة بالغه للمكرمة المالية التى سوف تغدقها المملكه على أمريكا فى صورة إستثمارات وصفقات سلاح مما سيساهم فى حل مشكلة البطاله فى المجتمع الأمريكي بشكل نسبى، فى حين أن نسبة البطالة فى المملكة بلغت 12% ؟؟
العلاقات الأمريكية السعوديه معروفه منذ قديم الأزل بأنها قائمة على مبدأ الحماية مقابل النفط والإتفاقية التى تم عقدها مع مؤسس المملكه عبد العزيز آل سعود مع الرئيس الأمريكى روز فيلت عام 1946 المعروفه باتفاقية كوينسي شاهد على ذلك ، وتنص الإتفاقية على أن تقوم أمريكا بحماية المملكه لمدة 60 عام وهو ما تم بالفعل وتم تجديدها عام 2005 لنفس المدة ، لكن باستقراء الواقع الذى نعيش فيه الأن ومن خلال المعطيات التي بين أيدينا نريد أن نطرح سؤالا ما هو هدف الزيارة الأول لترامب للمملكه؟؟
وقت الإنتخابات الأمريكيه ومع شدة الحملات الدعائية لكلا المرشحين، ركز الرئيس ترامب على هدفين رئيسين أولا ،حماية الكيان الصهيوني وتحسين وضعه فى المنطقه وزيادة نفوذة، ومحاربة التطرف الإسلامى حتى يستأصله عن أخره، وظن الجميع أن هذه مجرد دعايه لكسب العواطف وزيادة التأييد الشعبى له ، لكن الرجل كان محقا فى كل ما قال فها هو الأن جاء إلى المملكه العربية السعودية مهد الإسلام ومهبط الوحى كى يجتمع بغالبية زعماء العرب ويلقى لهم خطبة عن الإسلام وكيفية محاربة الإرهاب على طريقة التصور الأمريكى ؟؟ لكن فى عصر الذل والهوان تموت الدهشة ويزول العجب ، فالشيطان الأكبر جاء ومعه مفتاح حل كل المعضلات والكوارث المتسبب فيها بالمنطقه ، وليس بعيداً أن يتم وضع منهجية جديده من منظور الرئيس ترامب فى كيفية إلقاء الخطاب الدينى ونشره على وسائل الإعلام لتتبناه المؤسسات الدينية.
لا يخفى على أحد تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الملطخ بالدماء منذ إبادة الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا حتى إحتلال العراق وقتل منها 2 مليون مسلم ، ومن يتصور أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تتغير بتغير الأشخاص فهو خاطئ، فأمريكا هى الراعى الرسمى لكل كوارث العالم ، وما جاء ترامب إلى المملكه إلا لوضع سياسات جديده تستنزف المملكه العربيه السعوديه ماديا وسياسياً، وأوراق الضغط كثيرة بيد الأمريكان وأولها الفزاعة الإيرانيه التى أصبحت ذريعة لزيادة النفوذ الأمريكى فى المنطقه بشكل عام وعلى السعودية بشكل خاص ، وصفقة الأسلحة التى ستعقد بين الطرفين والتى تقدر ب340 مليار دولار أولى ثمرات هذه الورقة، فى حين لو كانت المملكه أنفقت هذه الأموال على إصلاح حال الدول العربيه المتردى ودعم الأنظمه الديمقراطيه فيها ، لما احتاجت لمثل هذه الصفقات التى تنعش الخزينة الأمريكيه فى حين أن بعض الدول العربية ترزخ تحت نير الظلم وتعيش تحت الفقر والمرض واليمن ليست منا ببعيد.
إن زيارة الرئيس ترامب للمملكة هى نقطة تحول جديده فى المنطقه المستفيد الأول منها هو الكيان الصهيوني بتصفية قضية فلسطين بعد أن أصبحت إسرائيل شريك أساسى فى التعاون للتنسيق الأمنى مع الدول العربية، ومشاركتها فى الحلف الناتو الإسلامى من وراء الكواليس بهدف محاربة داعش ووقف نفوذ إيران شاهد على ذلك ، فكل الظروف تهيأ الآن لتقوي شوكة إسرائيل وتتمددد على حاسب العالم العربى الغير مأسوف عليه والمفعول به دائماً ، وكل هذا يتم بمباركة خليجية مصرية والسبب هو تعزيز هذه الأنظمة بقاءهم فى الحكم أطول فتره ممكنه ونسوا أن إسرائيل لن ترضى بمزاحمة أى نظام معها فى السيطرة على المنطقه فطموحها السياسي لاحدود له .
الدول العربية هى الوحيدة التى تمثل آلية حماية نفسها واسترداد حقوقها، فالأمريكان لا أمان فهم مجرد دمية تحركها إسرائيل وفقاً لمصالحها، وكل هذه الزيارات لن تفضى إلى شيء سوى مزيد من الإستنزاف والمماطلة وضياع حقوق العرب ،فالعراق راحت وسوريا فى النزع الأخير ، واليمن السعيد صار حزين وليبيا تمزقها المليشيات ومصر خارج نطاق الخدمه.