الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا
الآية من سورة الكهف الموصي بتلاوتها
كل يوم جمعة لأنها جامعة
كما أن الجمعة جامعة
هذه السورة جمعت كل فتن الحياة الدنيا
والمال سمي مالا لأنه يميل عن صاحبه
وإليه الجميع قد مالوا
وهو ظل زائل
ومتاع حائل
إما إن يفارقك هو في الدنيا
أو تفارقه أنت بالرحيل عن الدنيا
والبنون قد يكونون رأسمال الفقراء والبسطاء
الذين يتخذون من الذرية عوضا عن الملاءة المالية
كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَٰطِلَ ۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى ٱلْأَرْضِ
فلما كان مآل كل مكاسب الدنيا إلي الزوال
وكل متاعها كالزبد يذهب جفاء
ولا يبقي إلا الصالح من العمل والقول
كما قال المصطفي
(يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد..)
الذي يبقي هو عمله
وهو يبقي معه وربما يبقي بعده
إذا كان مندرجا تحت قائمة الباقيات الصالحات
والتي فسرها بعض السلف بالصلوات والبعض بالتسابيح
وكلا التفسيرين لم يرو غليلي ولم يشف عليلي
فإذا كان البقاء للأصلح كمبدأ عام
وناموس كوني
وسنة من سنن الخليقة
التي استقام عليها أمر البلاد والعباد
فإن الاستثمار في الولد الصالح
الذي يستكمل المسيرة
ويسير علي درب أبيه
وينهج نهجه
وينحو نحوه
ويفري فريه
ولا ينفك مصليا داعيا له
كما جاء في الحديث
عن الباقيات الصالحات
وهي التي في رأيي تم تفسيرها بحديث المصطفي :
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له،
تلكم هي الباقيات حقا الصالحات صدقا
فالصدقات الجارية والعطايا والمنح
والأوقاف
والعلم الثابت أصله في الأرض
وفرعه في السماء يؤتي أكله كل حين
كذلك قوله ولد صالح ولم يقل ابن صالح
فربما يكون من تلاميذك من هو بمثابة الولد البار والابن الرءوم
ناقلا لعملك مستغفرا لك
مترحما عليك
داعيا لك آناء الليل وأطراف النهار
تلكم هي الباقيات الصالحات
وما عدا ذلك من مناصب وألقاب الدنيا
ما هي إلا محض سحابة صيف
عما قريب تنقشع
وما هي إلا متاع الغرور
وإشباع سراب الطموح
بمجرد حصول الحقيقة المطلقة
والتجرد من ثياب الحياة الدنيا
وولوج البرزخ
والسكني تحت التراب
عندئذ يصبح البصر نافذا حديدا
والسمع دقيقا شديدا
فتتجرد الدنيا من قناعها
فتبدو كعدو
وهي التي طالما تظاهرت بالصداقة
وطالما ادعت الحميمية
وطالما تسربلت بأردية المودة الزائفة
والباقيات الصالحات خير ثوابا في الآخرة
وخير أملا
في الحياة
تعيش من أجله
وترسم عليه خارطة الطريق
ومنهاج مسيرتك