محمد العايدي
قصة قصيرة…
كل النسور كانت تحلق وتطير لتجتمع نحو الوجبة الشهية من
الجيفة ( الرمة ) , كل النسور تجمعت حول الجيفة كي تأكلها ,
باستثناء هذا النسر العجيب المحلق في السماء وحيدا بعيدا ينظر
الي باقي النسور في سخرية وشفقة مما يأكلون ! ..
هو نسر ( عُقاب ) وهو أندر أنواع النسور والذي يتميز عن
باقي النسور بأنهُ لا يأكل الجيفة ( الرمة ) ..
وذات لاحظوا جميع النسور أن النسر ( عُقاب ) جالسا يبكي
وحيدا يبكي بكائا شديدا !..
ليسألوه ” لماذا تبكي ياعُقاب هكذا ! ؟ وما الذي جعلك
مهموما حزينا هكذا ؟! . يُجيب العُقاب بحزن وحسرة ” لقد قابلتُ
ليلة أمس أحد النسور الغريبة عنا فعايرني وأهانني إهانة بالغة .
يدُهشون النسور مما سمعوا ليسألوا في غضب وإستياء ” سحقا من يكون هذا النسر
حتي يجرؤ علي اهانة نسر عُقاب أندر وأعظم النسور , والذي
جعلوه منقوشا علي علم ( مصر ) العظيمة نظرا لعظمته ؟! .
نسر عُقاب ” وهذا العلم ونقش صورتي عليه كانا السبب في
إهانتي التي وجهها ذلك النسر العجيب و( القوي ) لشخصي . “
كيف! , كيف ومن يكون ذلك النسر ؟ ! . هذا ما رددوه باقي النسور في نفس واحد .. عُقاب ” انهُ نسرا منقوشا علي شعار
أحد الأندية الكبري , الحق أقول أنه نسرا شامخا عاليا رأيتهُ
بأم عيني مرفرفا متخذا وضعية الإنقضادُ علي فريستهُ ليلتهمها
من دون رحمة , بعد أن حددها أمامهُ كهدفا يسعي للوصول إليه.
أما أنا ! . فقد قال أنني منذ عام 73 العام الذي إرتفعت فيه
راية مصر عالية كنت وقتها منقوشا عليها وانا متخذ وضعية
الإستعداد للتحليق عاليا في سماء البدء لأول مراحل التطور
والنهضة والتنمية الاقتصادية وذلك , بعد أعوام كل سبل الحياة
والتطور علي كل الأصعدة قد أهلكتها الحرب الخاسرة والتي
قامت بها عقولٌ متخاذلة هزيلة خاسرة أيضا , فعادتا ما تعبر الرموز
والرسومات وبعض الالوان المنقوشة علي الرايات, تعبر عن
الأفكار والمناهج الفكرية التي تسيرُ عليها وعلي دربها الدولة
صاحبة العلم ( كالمطرقة والسندال ) اللذان كانا منقوشان قديما علي علم الشيوعية, وقد أخبرني هذا النسر ( نسر الحرية ) بأن
ظهوري علي العلم المصري وأنا متخذ وضع الاستعداد للطيران
والتحليق منطلقا الي أبعد مدي , ذلك كان يرمز للنهج الساسي
والمنهج الايديلوجي الذي يقول ( كفانا قيد ) ودعونا نحلق في
سماء النجاح بمواكبة التطور والتحرر الفكري والاقتصادي..
كلما تكلم نسر عُقاب كلما شعر جميع النسور من حوله
بالدهشة مما يقول ” وما المحزن في ذلك يا عُقاب , نحن
لا نري فيما تقول , أو فيما قال لك هذا النسرُ العجيب ما
يُحزنُك ! ! .. وهنا جاء الدور علي ظهور الحقيقة الاساسية
لكل هذا الذي حدث بذلك النسر ( النسر في العلم ) ! ..
نسرعُقاب ” المحزن قد بدأ مطلع عام 83
أعادوا نقش صورتي علي العلم ليجعلونني أظهرُ في
( أحقر ) صورة , وفي وضعية متدنية هزيلة ضعيفة
( فقيرة ) , ف بعدما كنتُ ظاهرُ في شكل وضع الاستعداد لفرد الجناحين ومن ثم
التحليق الي سماء التطور البعيدة والتقدم نحو الأفضل
أصبحتُ في وضع هزيل منكسر , والجناحين اللذان كانا
متخذان وضع الاستعداد للتحليق الي أبعد مدي , إنطويا
كأنهما مقيدان بأغلالٌ من القمع و( القهر ) وطمس الكلمة
لقد إنطوي الجناح الذي كان علي وشك التحليق إلي أعلي,
وأصبح نسر النصر لا يقدر حتي علي القفذ من مكانه ..
كما أخبرني هذا النسر العظيم وهو حقا يستحقُ هذا الوصف
أنهُ منذ أن قام ( محمد شريف صبري بك ) في 3 نوفمبر من
عام 1917 بوضعهُ علي علم النادي كشعارٌ يرمز الي القوة والتحفز والإصرار وحتي يومنا هذا, لم تتغير هويتهُ كنسرا
محلقا عاليا شامخا ( مثلما حدث معي ) , فلقد وصفني ذلك
النسر, بأنهم جعلونني ( مسخٌ ) لا رمز , جعلوا مني وانا العظيم
( نسر الدولة والنظام ) لا نسر العلم ! ..
قال أنه قد تم تعديل كل الرمزيات التي كانت منقوشة علي
علم النادي وهذا أمرا طبيعيا مثل تاج الملكية الموجود
فوق رسم النسر المحلق وكان ذلك عقب الانقلاب الذي
حدث عام 52 , أما هو كنسر ! فلم تتغير هويتهُ ولا
وضعيتهُ المحلقة عاليا كرمزٌ يشيرُ الي القوة والتحفز و
الإصرار علي الوصول للهدف الذي تم من قبل تحديدهُ
بمنتهي الدقة , إنها قيمٌ و معان راسخة وليست مجرد
نقوشا أو شعاراتٌ واهيةٌ بلا قيمة , وبما أن المعني غير قابل للتبديل او التحريف او التغيرالذي لا محل لهُ من الأعراب
كان النسر ووضع التحليق عاليا كرمز للقوة والاصرارأيضا
لا يقبل بأي تعديل ولا تغيير ولا حتي توضيحٌ قط . فمنذ ذلك
الحين لم تتغير الوضعية الظاهر عليها الي وقتنا هذا ,
إذن لماذا تتغير وضعيتي التي كنتُ انا عليها منذ عام 73؟؟
ولماذا تتغير للأحقر والأسوأ وأنا النسر العظيم ؟ ! . أخبروني أنتم , لماذا ؟ !
فأجاب أحد النسور الحاضرة ” الاجابة واضحة يا عُقاب
وهي أن الاهداف التي سوف تسعي الدولة من اجل تحقيقها بدءا
من عام 83 هي ( القمع وقيد الحريات والخزي والخزلان معا )
لا سيما والاعلان عن نظرية الخضوع والخنوع لمن هم
سيتحكمون في للقمة عيشك وبالتالي سيتحكمون في
قراراتك وسياستك الداخلية .. عُقاب ” إن قولك لهو
القول السديد , ولكن يبق السؤال طلاما ان رموز
والوان وشعارات الرايات تعكس النهج الذي تسير عليه
الدول , لماذا لم يقوموا بتغير او تعديل العلم المصري
عقب ثورة 25 يناير ؟ ! .. ليُجيب نفس النسر
” الاجابة علي هذا السؤال أوضح يا عزيزي عُقاب
وهي أن سياسة ونهج وأيديولوجية الدولة لم تتغير
بعد قيام الثورة ! .. وأنهُ ( لا جديد تحت الشمس ),
القيد كما هو .. الاغلال كما هي و ( لكن بصورة أخري ).
يتدخل نسرٌ آخر ليطرح ( أهم سؤال ) ..
” والعمل ؟ ! . مالذي نسطيع أن نفعلهُ الآن ؟!
عقاب ” يجب القيام بأي عمل يرد إلينا كرامتنا وهيبتنا المهدرة
من قبل من قاموا بنقش صورتنا علي علم مصر , فنحن نسور
عُقاب أعظم وأندر النسور .. ليقول النسر الثاني ” أتركوا
لي هذا الأمر , إسمح لي يا عُقاب سوف أقوم بمعاونتك
في جمع أكبرعددا ممكنا من نسور عُقاب لنرد كيد الكائدين
الي نحرهُ .. عُقاب ” الآن قد فهمت ماذا تقصد ياعزيزي ,
سنقوم نحن نسور عُقاب بالهجوم الضاري علي راية مصر
الموجودة فوق كل ساري أعلي كل مبني مؤسسي يعلق العلم
لننقضُ عليه ( ونمزقهُ ) تمزيقا , حتي نجعلهم يحررون
( النسر في العلم ! ) .. هيا نمزقُ الرايات حتي تتغير
الدلالات وتتضح خطوط السيرُ كنا أين ! ونسيرُ نحو ماذا ! ..
معا..( لنُغيرُ علم مصر ) أو نمذقهُ .. محمد العايدي ..
ملحوظة .. النسر الحر المنقوش علي شعار النادي , هو
شعار لنادي من نفس بلد النسر المهزوم المقيد بأغلال القمع
والذل مصر ! .. ولكن شتان الفرق بين الاثنان ..
أطلقوا الطيور تتحرر لتُطلق أرواحكم بعد الموت .. الحكيم الهندي ( بوذا ) ..