بقلم الدكتور/ علي عبدالظاهر الضيف
موعدنا اليوم مع المزبلة ولنكشف الغطاء لتطل علينا هذا الشخصية :
أبو العباس السفاح
رغم أن فترة الخلافة العباسية موضع الفخر لكل مسلم وبلغت الحضارة الإسلامية في عهدهم أوج عظمتها ومنها انتقلت الحضارة الإسلامية العربية إلى العالم أجمع فتتلمذ العالم على يدينا نحن المسلمين حيث خلفت لنا الحضارة العباسية العلوم والفنون والآداب التي أضاءت ما بين المشرقين إلا أن بدايتها كانت دموية وذلك على يد :
عبد الله بن محمد بن علي الملقب باسم (أبي العباس السفاح)
أول خلفاء بني العباس، الذي ولد بالجميمة من ناحية البلقاء سنة 104هـ- 722م ونشأ بها، ، سمي بالسفاح لأنه سفح دماء بني أمية، أي أراق منهم دماء كثيرة، وقد ذكرت لنا بعض كتب التاريخ أنه هو الذي أطلق على نفسه اسم السفاح حين قال لأهل الكوفة :
“استعدوا، فأنا السفاح المبيح، والثائر المنيح”
والغريب أن بعض المؤرخين يرى أن السفاح تعني هنا الكريم الذي يسفح المال ويعطيه !
تولي الخلافة سنة 132هـ بعد أن ارتكب أبشع المذابح في بني أمية بمساعدة قائد جيوشه أبي مسلم الخرساني، كان متعطشا للدماء مغرما بالقتل وسفك الدماء
ويذكر التاريخ أنه حين انتزع البيعة من الناس بمجرد سيطرته على الحكم قام بملاحقة الأمراء الأمويين
وقد قام السفاح بجمع من تبقى من الأمراء الأمويين وأمر بذبحهم أمام عينيه ثم غطى جثثهم ببساط ودعا بطعام وأخذ يأكل ويشرب بينما لا يزالون يتحركون فى النزع الأخير، كما أنه أمر بنبش مقابر جميع خلفاء وأمراء الدولة الأموية ما عدا الخليفة عمر بن عبد العزيز ومثل برفاتهم !
لم يفر منهم إلا عبد الرحمن الداخل (الذى أسس بعد ذلك الدولة الإسلامية فى الأندلس)، بالإضافة إلى أنه قام بمطاردة العلويين الذين ساندوه فى تحقيق مراده.
كان من سياسة أبي السفاح القضاء على جميع الأموين خشة أن يخرج عليهم مرة أخرى ليستردوا ملكهم وقد حصل بسبب ذلك مذابح كثيرة حتى إن كل من كان يمسك من بني أمية كان يقتل فورا . وفي ظل هذه المذابح قتل من قتل من بني أمية وهرب من هرب إلى الأندلس ولم تتوقف الحملات حتى انطفأ كل ما يمت إلى بني أمية بصلة.. وحينها أصدر أبو العباس قراره بالأمان. وكان خلال فترة حكمه قد أخمد أيضا كل الانتفاضات التي قامت ضده من بقايا العهد الأموي في أي مكان ظهرت فيه.
وإذا جاز لنا أن نصف عهد أبي العباس السفاح فهو عهد التطهير لكل آثار العصر الأموي وكان هذا التطهير جذريا شاملا، قضى تماما على أي أمل في عودة الحكم الأموي نهائيا وفي النهاية وقف أبو العباس ينشد قائلا:
“بني أمية قد أفنيت جمعكم فكيف لي منكم بالأول الماضي إن كان غيظي لفوت منكم فلقد منيت منكم” .
وفاة أبو العباس
أحس السفاح بالوهن في أول يوم العيد من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة وطفح في وجهه الجدري، وانتفخ بطنه وتوفي في ثالث أيام العيد بالأنبار بالعراق ، وكان عمره ثلاثا وثلاثين سنة حيث استمرت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر ودفن في قصر الإمارة في الأنبار.