بقلم الدكتور / علي عبدالظاهر الضيف
نعود إليكم من جديد ونستبيح انوفكم عذرا لفتحنا مزبلة نفايات البشر الذين ابتليت بهم أمتنا الإسلامية، وهم شر الناس الذين تسببوا في الفتن وفي إراقة دماء العرب والمسلمين .. سدوا أنوفكم واستعدوا :
عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام على كرم الله وجهه
كان عبد الرحمن بن ملجم المرادي من حفظة القرأن الكريم ! ولد فى أرض مراد الواقعة أسفل نجران، ثم هاجر إلى المدينة، كان ممن أرسلهم عمر بن الخطاب «رضى الله عنه»، إلى مصر ليعلم الناس القرآن الكريم والفقه، ثم إنه انضم إلى الخوارج، وهى فرقة إسلامية، نشأت فى بداية عهد الخليفة على بن أبي طالب، وكان أغلبهم من حفاظ القرآن، في ظل الخلافات الكبيرة التي شابتها، وكانوا ينادون في البداية بولاية علي، قبل أن ينقلبوا عليه ويعتبرونه لا يستحق الولاية، وقرروا قتله !
تصدر ابن ملجم لهذه العملية. ويُروى أن ابن ملجم كان اتفق مع اثنين من الخوارج على قتل كل من معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب يوم 17 رمضان، فنجح بن ملجم في قتل أمير المؤمنين علي وفشل الآخران.
ويروى أيضا إنه كان يبغض عليًّا كما يبغض معاوية، فصمم على قتلهما، و أنه لم يكن هناك لقاء بين ابن ملجم وبين صاحبيه للاتفاق على قتل هؤلاء النفر الذين اتفقوا على قتلهم كما تقول لنا بعض الروايات.
كما يقال إن عبد الرحمن بن ملجم قد قرر من تلقاء نفسه قتل سيدنا عليّ -رضي الله تعالى عنه- نتيجة هذا البغض الشديد الذي يحمله للإمام، ونتيجة هذا الحب الذي أحبه ابن ملجم لفتاة من تيم الرباب كانت تُسَمى “قطام ” كانت فاتنة الجمال وأغرم بها ابن ملجم؛ ولقد قتل سيدنا عليّ -رضي الله تعالى عنه- أباها وأخاها في معركة (النهروان)، فاتفقت مع ابن ملجم على الزواج شريطة أن يقتل هو علي بن أبي طالب.
وكان قد نقع سيفه بسم زعاف لتلك المهمة فضربه بالسيف على رأسه، فسال الدم على لحيته فلما سمع الناس صوت الإمام علي ثار جميع من في المسجد في طلب القاتل، وعلت الأصوات ، واضطرب الناس وماجوا ، وأحاطوا بأمير المؤمنين وهو ملقىً في محرابه يشدّ الضربة، ويأخذ التراب ويضعه عليها ، ثم تلا قوله تعالى : ((منها خلقنكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى))
، وقد استطاع المسلمون القبض على ابن ملجم، حيث أُتي به إلى علي رضي الله عنه، فقال له ما حملك على هذا يا عدوّ الله، قال :
سننت سيفي أربعين يوما، وسألت الله أن يُقتل به شرّ خلقه، فقال له علي:
ما أراك إلا مقتولاً بهذا السيف، وما أراك إلا من شرّ خلقه .
ثمّ قال لأهله وأصحابه إن مت فاقتلوه، وإن عشت فأمره إلي، أعلم ما أصنع به، وحينما احتضر علي كان أكثر ما يردده قول لا إله إلا الله، كما قيل إنّ آخر ما نطق به قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
شمر بن ذي الجوشن
كان شمر بن ذي الجوشن في بداية أمره من أصحاب الإمام علي ، وقد قاتل إلى جانبه في معركة صفين، لكنه لم يبق مع أهل البيت .
كان شمر بن ذي الجوشن صاحب دور أساسي في معركة الطف التي انتهت باستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته، وأسر نسائه وأطفاله. حينما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة مبعوثاً من قبل الإمام الحسين سنة 60 هـ، كان شمر مأموراً من قبل عبيد الله بن زياد أن يبعد الناس عن مسلم. وكان يخوّف أهل الكوفة من جيش يزيد القادم من الشام الذي سيدمر الكوفة.
وعندما وصل الإمام الحسين إلى كربلاء، أراد عمر بن سعد أن يترك الإمام الحسين، ويذهب إلى أي مكان آخر غير الكوفة ؛ لأنه كان كارهاً قتال الحسين ولكن شمر كان يشجّع عمر بن سعد على قتال الإمام الحسين ، وقد كتب إلى عبيد الله بن زياد يخبره بتراجع عمر بن سعد.
في عصر التاسع من المحرم سنة61 هـ تحرك الشمر بأمر من عمر بن سعد نحو معسكر الإمام الحسين على رأس أربعة آلاف مقاتل، ثم وقف شمر بالقرب من معسكر الحسين، ونادى العباس بن علي وإخوته وأراد أن يعطيهم الأمان وأن لا يقتلوا أنفسهم مع الحسين، لأن أمهم كانت من بني كلاب قبيلة شمر، ولكنهم لم يقبلوا دعوته.
في يوم العاشر من المحرم كان شمر بن ذي الجوشن يقود ميسرة جيش عمر بن سعد .
منع الماء عن الحسين وجيشه وأهل بيته حتى يموتوا عطشا وحتى تخور قواهم، بعد أن قتل أكثر أصحاب الإمام الحسين هجم شمر حتى وصل إلى إحدى خيام الحسين ، وصاح إئتوني بالنار كي أحرق هذه الخيمة بأهلها، فنودي أمخوف النساء يا شمر؟ واستهزأ به من قبل أصحابه.
وهجم بجنوده على الإمام الحسين الذي ثبت أمامهم ثبات الأبطال واستبسل في المعركة في بطولة نادرة وشجاعة منقطعة النظير حتى سقط أمام كثرتهم ويقال إنه أسقط منهم العشرات وحده وهو يعاني العطش الشديد!
وحين سقط الإمام الحسين ولايزال بعده على قيد الحياة هجم شمر وجماعته على مخيم الإمام الحسين، صاح بهم الإمام الحسين: إن لم يكن لكم دين، وكنتم لاتخشون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وكونوا عرباً كما تزعمون، فانتبهوا إليه، وقالوا ماتريد، فقال: أنا أقاتلكم وأنتم تقاتلوني ولا دخل للنساء ما دمت على قيد الحياة. فرجعوا عن الخيام وتوجهوا نحوه
نادى شمر بالجيش أن اهجموا عليه ، ثم هجم على الإمام أكثر من شخص، ومن جملتهم سنان بن أنس و زرعة بن شريك وضربوه بسيوفهم ورماحهم ضربات قضت عليه فامر شمر بفصل رأسه عن جسده.
بعد استشهاد الإمام الحسين هجموا على مخيم الإمام الحسين وأحرقوا الخيام على من فيها من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
وبعد المعركة :
في يوم الحادي عشر من المحرم أمر عمر بن سعد جنده أن يفصلوا رؤوس أصحاب الإمام الحسين عن أجسادهم – وكان عددهم 72 شخصاً – وأرسلها إلى عبيدالله بن زياد والي الكوفة مع شمر بن ذي الجوشن وجماعة آخرين، حيث تقاسمت القبائل الرؤوس كي تتقرب إلى عبيد الله بن زياد بهذا العمل، وكان من نصيب هوازن قبيلة شمر بن ذي الجوشن اثني عشر رأساً.
ثم أرسل عبيدالله بن زياد رؤوس الشهداء وسبايا آل الرسول إلى يزيد بن معاوية مع شمر بن ذي الجوشن وكان شمر قد أساء إلى الإمام وشهداء كربلاء عندما أحضروا عائلة الحسين والرؤوس في مجلس يزيد.
نهاية شمر
قام المختار الثقفي وهو أحد أتباع الحسين بالثورة للثأر من قتلة الحسين فوقف شمر بوجه ثورة المختار الثقفي، لأن ثورة المختار كانت ترفع شعار القصاص من قتلة الإمام الحسين ، ولما سيطر المختار على الكوفة خرج شمر منها. فأرسل المختار خلفه أحد رجاله مع جماعة يتعقبونه خارج الكوفة، ولكن شمر استطاع أن يقتل غلام المختار وأخذ يتنقل بين القرى خارج الكوفة ثم أرسل شمر رسالة إلى مصعب بن الزبير يخبره فيها بأنه جاهز لقتال المختار، ولكن جنود المختار أدركوه، وقتلوه بعد أن هرب عنه أصحابه، وجاؤوا برأسه إلى المختار الثقفي.