بقلم الدكتور / علي عبدالظاهر الضيف
وهل للتاريخ مزبلة ؟
طبيعي يا أخي ..كما للتاريخ صفحات ناصعة البياض تثير الفخر والتباهي فهناك مزبلة جمعت نفايات التاريخ من شخصيات تميزت بالخيانة والخسة والنذالة وترتب على صفاتهم إراقة دماء العرب والمسلمين يطلون علينا من التاريخ خلال مزبلة احتلوا فيها مكانة تليق بوساختهم وحقارتهم
من هنا كانت البداية …
في جلسة عصرية مع الشاي الإنجليزي الذي أعشقه وفِي أرض مكة المكرمة راودتني الفكرة :
ماذا لو جمعت نفايات التاريخ في مزبلة واحدة وتقديمها إلى القارئ بعد استئذان أنفه الكريم في رائحة تزكمه بما (لا لذ). و(لا طاب) من ( أشكال وسخة) ولامؤاخذة
ووجدت أن المقام لا يتسع والمزبلة أكبر من أن أفرغ ما فيها لعرض تلك الطغمة ممن لفظهم التاريخ وبصق عليهم وبال على وجوههم العكرة..
فقررت أن يكون النشر على حلقات حتى تأخذ كل شخصية حقها من الكشف عّن جوانبها وإبراز أوجه قذارتها وعفونتها فجمعت في المزبلة الكثير والكثير
مما اتفق عليه المؤرخون حتى لا يتهمني أحد أن مزبلتي خاصة برؤيتي الضيقة وأن الموضوع خاضع لأيديولوجية خاصة جدا بي .. وعليه آثرت الابتعاد عن الشخصيات التي لم يتفق المؤرخون على استحقاقها لمزبلتي وأتيت لكم بما أجمعوا عليه .
أولاً : أبو رغال
يحكى أن حاكم الحبشة بلغ به الغرور والجبروت أن أمر واليه في اليمن بأن يـبنى للعرب كنيسة ضخمة غاية في الجمال أسماها “الـقُـليس” ويجبر العرب على الحج إليها بديلا عن الكعبة المشرفة!
فجاء يمنى وتسلل إلى الكنيسة وأحدث فيها .. كنوع من التدنيس ولمعارضة الفكرة بأسلوب حداثي؟!
بالمصري كده (عمل بي بي ).
ومن الواضح انه قد ملأ بطنه بوجبة ديمة من الطعام فكانت الرائحة كفيلة بان يستفرغ ما في بطنه .. فجن جنون حاكم الحبشة وأمر أبرهة الأشرم أن يُسير جيشا مهولاً لهدم الكعبة وطعن العرب في أقدس مقدساتهم؟! وبالفعل جهز أبرهة جـيشا عظيما وسير في مقدمته الفيلة وقرر غزو العرب في عقر دارهم وتدمير كعبتهم!
ولأنه لا يعرف الطريق فقد أخذ يبحث عن أحد يدله على البيت الحرام ولكن أنفة العربي وغيرته على مقدساته منعتاه من الرضوخ لمطلب أبرهة فأعياه البحث عن دليل .. ولكن جاءته الفرصة على طبق من ذهب بقبول “أبي رغال” للعمل معه كدليل يخبره بتـفاصيل المـسير وأسرار ارض العرب وقبائلها والطريق إلى مكة، ثم حدث ما تعرفونه كلكم وراجعوا سورة الفيل!
وبعد هزيمة الأحباش ظلت عرب الجاهلية تلعن أبيا رغال ليل نهار وترجم قبره بالنعال لمجرد انه عمل “معاونا” أو “دليلا” لجـيش الغزاة وأصبح العرب كلما مروا بقبره يرجمونه بالحجارة والأحذية في موسم الحج وغيره !
وقد قال فيه الشاعر :
وأرجم قبره في كل عام * * كرجم الناس قبر أبي رغال.
ثانيا عمرو بن لحى الخزاعي:
زعيم مكة في زمانه وسيدها الاوحد كانت أوامره كالدستور لدى العرب وهو الذي حول ديانة العرب من الحنفية (مذهب إبراهيم وإسماعيل) إلى الوثنية فاستحق مكانة عظيمة في مزبلة التاريخ !
يحكي المؤرخون عنه :خرج عمرو بن لحي من مكة إلى الشام في بعض أموره، فرآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟
قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه؟ فأعطوه صنما يقال له: هبل، فقدم به مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه..
واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره، فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم عليه السلام يتمسكون بها من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة والوقوف على عرفات والمزدلفة، وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه.
فكانت كنانة وقريش إذا هلوا قالوا: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك!!!!!
فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم، ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تعالى لمحمد ﷺ: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [يوسف: 106] أي: ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي.
وقد ذكر السهيلي وغيره: أن أول من لبى هذه التلبية عمرو بن لحي، وأن إبليس تبدى له في صورة شيخ فجعل يلقنه ذلك فيسمع منه، ويقول كما يقول، واتبعه العرب في ذلك.
ثالثاً : ابو طاهر سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي :
هذا المجرم ارتكب الجريمة الكبرى في عام 317هـ مستغلا ضعف الدولة العباسية هاجم الحجيج في مكة يوم التروية وأمر كلابة بذبح الحجيج في الطواف وخلع باب الكعبة واخذ الملحد يصرخ في المسلمين :” ياحمير اليس من دخلة كان أمناً ؟ “يستهزي عدو الله بالقران وقال اين الحجارة من سجيل اين الطير الأبابيل ثم امر بخلع الحجر الاسود وهو يهذي قائلاً:
“انا بالله وبالله انا يخلق الخلق وافنيهم انا”
ثم امر الزنديق برمي جثث الحجاج ببئر زمزم وأخذ الحجر الاسود ل(هَجَر) عاصمة القرامطة حيث ظل الحجر هناك عشرين سنة وقدر بعض المورخين القتلى بعشرين الفاً .