بقلم الدكتور / علي عبد الظاهر الضيف
***********
عندما قالوا لي في المستشفى ( ماتت زوجتك ) لم اعلم ماذا افعل .. كنت سأذهب الى المنزل لأخبرها بما حدث .. لتخبرني بما أفعل -ليو تولستوي.
عبارة اختصرت مكانة المرأة في مجتمعنا.
من قال إن المرأة نصف المجتمع فقد ظلمها، وفِي الحقيقة :
المرأة ثلاثةأرباع المجتمع فإذا كانت هي النصف فقد ربت النصف الآخر .. ليس من النصف إن نصفها بالنصف !
قديما كانت تقوم بالبيت واليوم أحيانا تقوم على البيت وعلى رب البيت حين خرجت إلى ميدان العمل مستودعة دِعَتها إلى حاجة دَعتْها وتترك أنوثتها كي تزاحم الرجال في دنيا العمل وتتخلى عن راحتها كي تقوم بما يجب أن يقوم به زوجها.
تتعرض في العمل لمضايقات الزملاء والرئيس والعملاء أو المراجعين حسب طبيعة عملها ثم تعود إلى بيتها لتخلع ثوب الرجال وترتدي ثوب أم العيال وتقوم بأعباء المنزل التي لا تنقضي وطلبات الزوج التي لا تنتهي ..
الحديث ذو شجون والمشهد واضح لكل ذي عيون
الإشكالية هنا في قضايا عدة :
-قضية عمل المرأة وتقصيرها من ناحية البيت والزوج
-قضية الأمور المادية المختصة بالذمة المالية للزوجة
-قضية ركون بعض الأزواج إلى الراحة اعتمادا على ما تدره زوجته من دخل
-قضية ارتفاع نسبة الطلاق في بيت المرأة العاملة
-قضية الاختلاط وما يترتب عليه من مشاكل أخلاقية
-قضية انحرافات الأبناء نتيجة وجود فراغ تربوي داخل البيت
-قضية معاناة المرأة جسديا ونفسيا من عملها خارج البيت وداخله
-قضية المشاكل الزوجية الناتجة عن الإحساس بالندية أمام الزوج ومناطحة الزوجة زوجها بعبارة (أنا زيي زيك)
القضايا كثيرة وكلها تحمل من الشوك ما يهدد بيوتنا وأمنها واستقرارها ، وعلى الطرف الآخر :
هل نحرم الدولة عقليات مثل عقلية عائشة بنت الشاطئ أو سميرة موسى أو ملك حفني ناصف وغيرهن الكثير أثبتن مِن الكفاءة ما لم يقدر عليه الرجال ؟ .
لماذا تتعلم المرأة إذاً وينفق عليها أبوها (دم قلبه)
وتسهر الليالي في معاناة الدراسة ثم نقول لها : مهمتك تربية الأبناء !!
أتعجب ممن يرفض تعليم ابنته ثم حين تلد زوجته يشترط أن يكون من يولدها طبيبة !
ومن يرفض أن تتعلم ابنته الا على يد معلمات !
كيف توجد الطبيبة أو المعلمة إلا في المدرسة والمستشفى وميادين العمل ؟
ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المرأة قامت بواجبها في ميدان العمل على أكمل وجه وهي قادرة على الجمع بين بيتها وعملها .
القضية لا تحسمها آلاف المقالات ولا يمكن أن نمنع عمل المرأة تحسبا لسلبيات ذلك العمل ويصعب في الوقت ذاته قتل أنوثتها وإلزامها بما لا يلزمها فحقها محفوظ أن تكون معززة مكرمة ولرجلها القوامة عليها شاء من شاء وأبى من أبى
في الحقيقة أنا لست ضد عمل المرأة ولست معه
وللزوجين أن يكونا على وعي بتلك القضايا الشائكة منذ البداية، فمن وافق على عمل زوجته فليقدر معاناتها ولا يكلفها ما لا تطيق وليحترم ذمتها المالية ومن تريد المكوث في بيتها فعليها ألا تثقل على زوجها بما يفوق طاقته من طلبات .
كل هذا يؤدي بِنَا إلى القضية الأساسية :
هل أعطينا المرأة حقها؟
وإجابتي على هذا السؤال قد تكون صادمة !
نحن مجتمعات ظالمة !
إي نعم . .
المرأة التي لا تعمل حكمنا عليها أن تقوم بأضعاف أضعاف عمل الرجل فإذا كنت أيها الرجل تأخذ إجازتك الأسبوعية فهل للمرأة إجازة من شغل البيت؟ وهل تستطيع أن تقوم بأعباء المنزل إضافة إلى حل الواجبات مع الأولاد الذي قد يصيب الأم بالشلل أحيانا !
هل تطيق صبراً على المذاكرة لأبنائك دون أن تفقد أعصابك وتلقي بابنك من اقرب نافذة لشقاوته؟
ثم نطالبها بالتقصير إذا لم تعجبك درجة اختبار الشهر !!!
أليس من الظلم أن تسخر من هيئة زوجتك وهي تقوم بأعباء المنزل وشعرها الذي يشبه في نظرك شعر أمنا الغولة كي تسرح شعر ابنك وتهتم بهندام ابنتك وضفائرها !
الحديث يطول ويطول عن أشكال الظلم المجتمعي للمرأة التي لا تعمل .
وعلى الجانب الآخر تعالوا نشاهد حال المرأة العاملة ونحكم على مجتمعنا …
سنجد أن كلمة ظلم قليلة عندما نحكم على نظرة الرجل لزوجته العاملة إذا قصرت في بيتها
هي تقوم يعمل الرجل والمرأة معا فأي ظلم !
الحوار يطول ولا تكفيه الكلمات للحديث عن المرأة زوجة واختا وابنة وأماً ..
فالأم على سيبل المثال تستطيع أن ترعى عشرة أبناء في حين لا يستطيع عشرة أبناء رعاية أم واحدة !
ونجدالطفل يأخذ الحليب من أمه فيستمد الكالسيوم من عظامها وأسنانها.. ليكبر ويضع ساقاً على ساق ويقول: المرأه بنصف عقل!
ألم تسأل نفسك عقلك كيف اكتمل ؟!
نعود إلى تولستوي لنجده قد اختصر العلاقة الانسانية الجميلة التي جعلها الله فطرة إنسانية لخصها سبحانه بقوله ” .. وهو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة .. ”
فهي السكن والسكون والسكينة
هي أمك أختك زوجتك ابنتك
راجعوا أنفسكم يا معشر الرجال
وللحديث بقية …