تقول الأسطورة: إن الحقيقة والكذب التقيا يوما .. فقال الكذب للحقيقة: إنه ليوم جميل حقا.
نظرت الحقيقة حولها في ريبة، رفعت عينيها إلى السماء، لترى أن اليوم بالفعل كان يوما جميلا، فقضت وقتا طويلا بصحبة الكذب في ذاك اليوم.
ثم قال الكذب: الماء في البحيرة رائع، فلنستحم سويا.
نظرت الحقيقة للكذب في ريبة للمرة الثانية، ولمست الماء، لتجده بالفعل رائعا، فخلع الاثنان ثوبيهما، ونزلا للاستحمام في البحيرة.
وفجأة، خرج الكذب من البئر، وارتدى ثوب الحقيقة وركض بعيدا. خرجت الحقيقة الغاضبة من البئر، وركضت وراءه في كل الأماكن بحثا عن ثوبها، فنظر البشر إلى عري الحقيقة وأشاحوا بوجوههم في غضب واستهجان.
أما الحقيقة المسكينة، فعادت إلى البحيرة، واختفت للأبد من فرط خجلها.
ومنذ ذلك الحين، يسافر الكذب حول العالم مرتديا ثوب الحقيقة، فيلبي أغراض المجتمع، بينما يرفض الناس أن يروا الحقيقة !
هل أدركتم لماذا يسيطر الكذب على العالم ومازال الحقيقة خجلى متوارية ؟
لو قلت لكم إن هناك جيشا في هذا الكوكب (منيم) العالم كله من المغرب فقد لا تصدقونني فأكون مبالغا .
ما بالك إذا قلت لك إن دبابة واحدة منيمة العالم كله من المغرب .. ستضحك في سخرية مني
فكيف الحال إذا قلت لك (عيل) صغير بلطجي منيم العالم من المغرب ستقول علي إني مجنون !
خذ الكبيرة : كائن أصغر من الطفل والكلب والقط والفأر والنملة هو الذي نيم العالم كله من المغرب !
في الحقيقة من فعلها وقدر عليها (حتة بتاع) لا يرى بالعين المجردة عرى العلم كله
درسنا في الأحياء عوامل التعرية .. لكننا اليوم مع عامل تعرية مختلف !
عامل عرّى العالم كله فشاهدنا هشاشة من كنا ننظر اليهم بعين الإكبار والإعظام، وكنا نعتبرهم حائط الصد إذا جاءنا غزو فضائي من الكواكب الأخرى !
كثيرا ما قلت في مقالات سابقة إنني لا أرى في الأنظمة العالمية الكبيرة القوة التي يروجون لها ولا الهالة التي يضعونها حولهم إنما هي قوة أسطورية مصطنعة روجوا لها بأفلام غزو الفضاء وبأسلحة حديثة مخيفة تبث الجحيم بمجرد ضغطة زر.. اليوم يهدد فناءهم كائن (مالوش ثلاثين لزمة) فليضربوا عليه بأسلحتهم وليصبوا عليه جحيمهم إن استطاعوا وليفجروا الفايروس برشاش رامبو الذي يطلق ألف رصاصة في الدقيقية أو القنبلة الذرية التي قضت على مئات الآلاف في غمضة عين .. !
في الحقيقة ..كل تكنولوجيا البشر لن تجدي إذا لم يكن هناك إنسان يستخدم تلك التكنولوجيا فالعقلية البشرية هي التي تصنع التكنولوجيا والآلات والسلاح، ولا يمكن لكل هذه أن تصنع الإنسان ! وهذا الإنسان الآن يتساقط أمام ضربات (حتة البتاع)
يا سائس الخيل قم للخيل وانحرها ما حاجة للخيل والفرسان قد ماتوا !
لن أستفيض في الوعظ واستثمار الكورونا في أمور دينية فهو أولا وأخيرا ابتلاء من الله لعباده (اللهم لا اعتراض) .
ولكن هذا الفايروس عرَّى:
– من يتباكون على المساجد وهي خاوية، ولم يبك على جاره الذي نام جائعا !
– من ظن نفسه أقوى الأقوياء ومشى اختيالا بقوته وقدرته .
– عرى الفايروس من بكى على منع العمرة وهو سارق ميراث أخته وواكل حقوق عماله ويغش في الميزان ويخلط الحابل بالنابل في الأغذية ومن يغير تاريخ صلاحية المواد الغذائية و .. و .. و.. إلخ
فليذهب بكاؤك على المسجد إلى الجحيم وستذهب أنت معه أيضا إلى ذلك الجحيم فمن لم يقم الصلاة في قلبه ما نفعه بكاؤه على المسجد ولم تغن عنك زبيبة الصلاة حين يقتص منك كل من ظلمتهم !
– عرى الفايروس المغالاة في إنفاق المال على زخرفة مساجد في الوقت الذي تحتاجه بطون المسلمين .
هل سمعنا أن المساجد في عهد الرسول والصحابة حين تمنع فيها الصلاة لوباء أو ما أشبه يبكيها المؤذن وهو يقول صلوا في رحالكم(مع تقديري للمؤذن واحترامي لعاطفته الدينية) ؟
ما بكى المؤذن لأن الإيمان والإسلام تمكن من جوارحهم وسيطر على سلوكهم فلم تكن صلاة الجماعة فقط هي رابطهم مع رب العلمين كما يحدث عند البعض الآن .
من فاتته صلاة الجماعة فليتقرب إلى الله بما يفوق ثواب الجماعة فحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إلى الله قال :
((أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ، أَحَبُّ إليَّ من أن أعتكِفَ في هذا المسجدِ – يعني: مسجدَ المدينةِ – شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه، ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له، ثبَّتَ اللهُ قدمَيْه يومَ تزولُ الأقدامُ”
هل تحب أن تكون من أحب الناس إلى الله ؟
عليك بالحديث
فليس البكاء على المسجد مقياسا للتدين، وليس تقطيع القلب على منظر الكعبة خالية هو آخر الدنيا .
حقيقة لم أبك على المساجد خاوية قدر بكائي على مستشفيات خاوية من التجهيزات الطبية وأجهزة الإسعافات والمختصين الذين يعالجون الحالات .
إذا أردتم للمساجد أن تعود للإعمار فاعمروا الدنيا بالخير، وبروح الإسلام وبأسباب المساعدة وبطرق الخير العديدة التي تعيد لنا جنة الدنيا بين يدينا من مجتمع متكافل يأخذ قويهم بيد ضعيفهم وغنيهم بيد فقيرهم وصحيحهم بيد مصابهم (مع ارتداء القفاز والكمامة) !
هكذا جاء الفايروس ليعري الحقيقة التي نخجل منها ونشيح بوجوهنا عنها لأنها عارية .
بعد انتهاء الأزمة وكشف الغمة (وكلي ثقة في رحمة الله أنها ستنكشف) فليراجع كل منا نفسه، فمن لم يتغير بعد تلك الأزمة فلا خير فيه، ومن لم يتعلم من (حتة البتاع) فقد رسب !
وقبل أن تهرول إلى المسجد بعد فتحه (وأدعو الله أن يكون قريبا) كأنك تركب صاروخا فلتجعل وقود هذا الصاروخ حديث الرسول السابق فيجتمع لديك خيرا الدنيا والآخرة .