بقلم. محمد فتح الباب
توقفت كثيرا عند هذه الأسطر للأديب يوسف السباعي في روايته ” ارض النفاق،، ”
حيث كان يتحدث عن قصة خياليه
يقابل فيها رجلا مسنا يبيع ” الأخلاق ” في زجاجات وعلب
وقد حاول ذلك الرجل أن يبيعه مسحوقا للشجاعة او للتواضع ، أو .. أو ..
الا ان الكاتب اصرّ على ان يشتري مسحوق الصدق رغم معارضة البائع ورفضه التام
مما جعله يخطف هذه الزجاجة من البائع المسن
الذي عجز عن منعه من سكب محتويات هذه الزجاجة في النهر .
وعندما دخل الكاتب المدينة ليرى آثار فعلته .. رأى اضطرابا شاملا وفوضى عارمة ،
بعد ان سقطت اقنعة النفاق والرياء والمجاملات الكاذبة ،
وظهرت المشاعر والعواطف على حقيقتها وبدأ كل انسان يعامل من حوله بصدق وصراحة
مما اوقع البلد في دوامة عاصفة ..
وقد جعله ذلك يندم على القائه مسحوق الصدق في النهر الذي يشرب منه جميع الناس ..
و يعود الى البائع معتذرا نادما يلتمس منه الحل لهذه المصيبة الكبرى … مصيبة الصدق .
وكان سبب توقفي عند هذه الأسطر هو سؤال حيرني كثيرا ..
تخرج منه عدة أسئله لا تقل في حيرتها عن اساسها
هل هذا صحيح ؟
هل نحن لا نستطيع ان نتعايش الا بأقنعة كثيفة من الأكاذيب والمجاملات والنفاق
تغطي مشاعرنا الحقيقية تجاه هذا او ذاك من الناس ؟
وما قيمة هكذا حياة نقضيها في خداع بعضنا ؟
وما المانع من مصارحة الاخرين بارائنا فيهم ؟
المجاملة : نوع من السلاسة في التعامل مع الآخرين , ولكن يجب أن لا تكون على حساب الثوابت .
كانت المجاملة في الماضي تقتصر على بعض الناس دون غيرهم
الآن…..نراها تدخل على جميع المستويات
حتى بين أفراد الأسرة الواحدة
إذا أردنا أن نتكلم عن المجاملة
فلا بد أن نتوقف على إيجابياتها من جهة
وسلبياتها من جهة أخرى
نراها تُقرِّب بين القلوب فتتآلف فيما بينها
تمحو -أحياناً أخرى – الإساءة من الذاكرة
ومن منا لا يحب أن يجاملَه أحبابه ؟
ولكننا نقف أمام نوعٍ من المجاملات التي تدور في فلك النفاق
وفي دائرة التملق والكذب
فهناك من يلقون بغبار الكذب على مجاملاتهم ليحققوا هدفاً يسعون إليه
أو مأرباً وغاية في أنفسهم المريضة
” المجاملة هي كذبة المجتمع ”
هكذا يسميها البعض
” نحتاجها جميعاً حتى تسير قافلة الحياة ”
وهكذا يراها البعض الآخر
بين الصدق والنفاق في المجاملات سيدور محور حوارنا
ما موقع المجاملات في حياتكم ؟
هل هو
أسلوب ـ مغلف بالنفاق والمشاعر المزيفة والتمـــلق
أم أنه أسلـــوب دبلوماسي نلجأ إليه عند الضرورة ؟
هل فعلاً نحتاج للمجاملة في حياتنا العملية ؟
مع مدير وأصحاب السلطة بالعمل
وكيف يمكن أن نجامل دون أن نُتَّهم بالنفاق؟
التواصل والمجاملات مهمة ولكن ليس بالضرورة بطريقتنا هذه. أنا رميت حجر في هذه البركة
ومنتظر إجابة لهذة الأسئلة فى الردود على المقالة..