تساءلت كثيراً أكان للقدر دورٌ في العبث بحياتي أم كنت أنا العابثة؟ هل حقاً سلبني القدر حقي بأن أحيا كما كنت دوماً أحلم أم أن اللوم يقع على اختياراتي وخبراتي وربما أيضاً كبريائي .. أؤمن أن الله يهب المرء شخصاً يمر بين سنواته مرور الكرام، شخص يجعلك أكثر نضجاً، يعلمك معنى الحب والحياة، يأتي ليغير كينونتك الصغيرة ويأخذك من مخبأك الآمن ليخرجك إلى أضواء الحياة وصخبها، لكنها حتماً تكون محطة ذهابه وكأنه يأتي إليك ليتتم مهمة ما، يأتي ليفتح لك باب روحك المحكم، ليس المؤسف هنا بل إن ما يؤسفني حقاً أنه في حين رحيله لا تنتبه لذلك بل تكمل في طريقه الذي رسمه لك، تكمل في اكتشاف مغامرات الحياة وتتحدى مخاطرها ويزداد حماسك مع كل خيبة صغيرة بل انك حتماً تنبهر لقدرتك على تجاوزها، إنك حقاً موجود! تكمل في المضي وتنقضي من عمرك السنوات وأنت لازلت جائعاً للخبرة وتريد المزيد، حتى تبدأ طاقتك بالنفاذ رويداً رويداً، وتعود للبحث عن مخبأك الآمن كطفل فقد أمه وسط الزحام، تخاف وترتجف وتبدأ مجدداً بالبحث عن ذاك الشخص، عن أول بصمة في حياتك، ومن ثم تبدأ بالتساؤل عما حدث .. أين ذهب؟ كيف أضعته؟ من المخطئ؟ وتكتشف أنك أصبحت وحيداً بين كل هذا الزحام وأنت لا تفكر إلا في كونك حقاً ضحية للقدر أم أنك ضحية خبرتك الضئيلة .. هل هو مقدر لنا ألا نبقى مع من أحبونا بصدق أم أن الحقيقة هي أننا لا نعرف قيمتهم إلا إذا وجدنا أنفسنا منهكين مع اختياراتنا الخاطئة..