ليس هناك تعريف محدد للفساد بالمعنى الذي يستخدم فيه هذا المصطلح اليوم، لكن هناك اتجاهات مختلفة تتفق في كون الفساد هو إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص.
يرجع تاريخ ظهور الفساد الى بداية الخلق والخليقة حيث تناولت كافة التشريعات السماوية هذه الظاهرة لتنّبه الناس وتوعيّهم إلى جلل المصاب بهذه الظاهرة , فمثلا بالقرأن الكريم جاءت العديد من الآيات التي بينت تأثيرات الفساد السلبية على المجتمعات بصورة عامة والافراد بصورة خاصة ولم تذكر آية تتحدث عن هذه مصائب الفساد الا وتبعتها آية تتطرق إلى الهلاك والعاقبة السيئة للمفسدين والامثلة على ذلك عدة اهمها مثلاً قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ” وإذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها ، فحق عليه القول ، فدمرناها تدميرا ” (الاية 16 من سورة الاسراء) وايضا قوله تعالى ” فانظر كيف كان عاقبة المفسدين” (الاية 14 من سورة النمل) ، وايضاً قوله سبحانه ” الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد ، فصب عليهم ربك سوط عذاب ، ان ربك لبالمرصاد ” ( الايات 11-14 من سورة الفجر ) صدق الله العظيم
ينتج الفساد عن جُملة من العوامل تختلف تبعاً لاختلاف دوافع الشخص الفاسد، علماً أنّها تحدث في كافّة المجالات الحياتية، بما في ذلك المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وكذلك في الميدان المهني، ولهذه الممارسات تأثير سلبي على سير العمل وعلى المصلحة العامة
ويحدث الفساد عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة. كما يمكن للفساد إن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة . يشرع المسؤولون في المناصب المختلفة وخاصة العليا منها في توظيف المعارف والأصدقاء، مقابل تهميش الفئات الأخرى، وفي المقابل نجد تجاهلاً لكافّة الأسس، والمعايير الإدارية، والمهنيّة في الاختيار والتوظيف على أساس الخبرات، والكفاءات العلمية.
فالفساد قد ينتشر في البنى التحتية في الدولة والمجتمع، وفي هذه الحالة يتسع وينتشر في الجهاز الوظيفي ونمط العلاقات المجتمعية فيبطيء من حركة تطور المجتمع ويقيد حوافز التقدم الاقتصادي.
إن الآثار المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة المقيتة تطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط، بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي، ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة
للفساد أثر مباشر في حجم ونوعية موارد الاستثمار الأجنبي، ففي الوقت الذي تسعى فيه البلدان النامية إلى استقطاب موارد الاستثمار الأجنبي لما تنطوي عليه هذه الاستثمارات من إمكانات نقل المهارات والتكنولوجيا، فقد أثبتت الدراسات أن الفساد يضعف هذه التدفقات الاستثمارية وقد يعطلها مما يمكن أن يسهم في تدني إنتاجية الضرائب وبالتالي تراجع مؤشرات التنمية البشرية