الكود ، أو الشفرة ، أو كلمة السر، رقم أو رمز يشير إلي شيء أو موقف أو مخطط معين ، يعرف به بين مجموعة من الناس دون غيرهم ، حفاظاً علي سريته . وكلمة السر 360 هي عنوان كتاب من كتب المذكرات كتبته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ” سابقاَ ” ، ومرشحة الرئاسة الأمريكية الحالية ، ويُقال أن الترجمة لعنوان هذه المذكرات مزيفاً ، والإسم الحقيقي للكتاب هو الخيارات الصعبة. والسر في الإهتمام بهذه المذكرات ـ وحق لنا أن نهتم بكل ما يصدر من كتابات أو مذكرات سياسية ـ أنها قد ورد بها فقرات متعلقة بما جري ، ويجري في مصر ، والمنطقة ، في ظرف تاريخي بالغ الحساسية والدقة ، جري اختلاقه ، عن قصد وتبييت نية ، من أجل صناعة سايكس / بيكو جديدة للمنطقة ، لأنهم يرون أن سايكس / بيكو القديمة لم تعد صالحة . وسايكس / بيكو كان مخططاً لتقسيم المنطقة ، جري تنفيذه في بدايات القرن العشرين ، ونتج عنه الخريطة الجغرافية الحالية ، التي قاموا برسم خطوطها وحدودها . ولا زالت الطبخة المسمومة لهذا المخطط تغلي في مرجلها ــ طبخة سياسيّة : تدبير لا يخلو من ترتيبات مشبوهة أحيانًا ــ حتي تنضج وتستوي ، وتصبح قابلة للتناول طوعاً أو كرها . وجانب آخر من الأهمية تنطوي عليه هذه المذكرات أنها أكدت ما كان مظنوناً ، أو متوهماً ، أو محتملاً حول وجود مخطط تآمري ، يفسر لنا الغامض والملتبس فيما جري ويجري من أحداث . وجانب ثالث من الأهمية تمثله هذه المذكرات لنا وهو تكشف الموقف علي نحو لا يدع مجالاً للشك في مواجهة من يزعم أن القول بالمؤامرة هو من باب خلق أجواء تبريرية للإجراءات الإستثنائية التي تلتجيء إليها السلطات الإستبدادية ، أو تأجيل الإجراءات التي من شأنها خلق الأجواء المواتية للحياة الديمقراطية السليمة . وجانب رابع من الأهمية يتمثل في كشف أصحاب العقول الجاهلة ، والفاقدين لقرون الإستشعار من الصفوة المثقفة ، والعقول المأجورة لخدمة المخطط طمعاً في مال أو سلطة ، والعقول الكارهة للوطن والنفس . وجانب خامس من الأهمية مفاده أنها نزعت ـ طوعاً أو كرهاً ـ آخر وريقة توت كانت تتستر بها جماعة الإخوان حتي لا تتعري تحت ضوء الشمس ، وتنكشف سوءاتها بالكلية . تلك هي أوجه الأهمية التي أتيح لي حصرها علي عجل . فما هي الفقرات التي وردت في هذه المذكرات متعلقة بمصر والمنطقة كما وردت بوسائل الإعلام ، ومواقع التواصل الإجتماعي ؟ . لقد جاء في المذكرات بحسب ما نشر في تلك الوسائل : ” دخلنا الحرب العراقية والسورية والليبية وكل شيء كان علي ما يرام وجيد جداً . وفجأة قامت ثورة 30 / 6 ، 3 / 7 في مصر . وكل شء تغير في 72 ساعة . كنا علي اتفاق مع إخوان مصر علي اعلان الدولة الإسلامية في سيناء ، والتنازل عن الأرض للجار الجنوبي ، وفتح الحدود مع ليبيا من ناحية السلوم ” . وتستطرد : ” تم الإتفاق علي إعلان الدولة الإسلامية يوم 5/ 7 / 2013 م ، وكنا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن وأوروبا بها فوراً ” . وتواصل : ” كنت قد زرت 112 دوله فى العالم من اجل شرح الوضع الامريكى مع مصر وتم الاتفاق مع بعض الاصدقاء بالاعتراف بالدوله الاسلاميه حال اعلانها فورا وفجاه تحطم كل شئ . كل شئ كسر امام اعيننا بدون سابق انذار .. شئ مهـــــــــــــول حـــــــدث ، فكرنا فى استخدام القوه ولكن مصر ليست سوريا او ليبيا . جيش مصر قوى للغايه وشعب مصر لن يترك جيشه وحده ابدا ” . ثم تستطرد قائلة : ” وعندما تحركنا بعدد من قطع الاسطول الامريكى ناحيه الاسكندرية تم رصدنا من قبل سرب غواصات حديثة جدا يطلق عليها ذئاب البحر 21 وهى مجهزا باحدث الاسلحة والرصد والتتبع وعندما حاولنا الاقتراب من قبالة البحر الاحمر فوجئنا بسرب طائرات ميج 21 الروسية القديمة ولكن الاغرب ان رادارتنا لم تكتشفها من اين اتت واين ذهبت بعد ذلك ففضلنا الرجوع مرة اخرى ازداد التفاف الشعب المصرى مع جيشه وتحركت الصين وروسيا رافضين هذا الوضع وتم رجوع قطع الاسطول والى الان لا نعرف كيف نتعامل مع مصر وجيشها . اذا استخدمنا القوه ضد مصر خسرنا واذا تركنا مصر خسرنا شئ فى غايه الصعوبه . مصر هى قلب العالم العربى والاسلامى واذا كان هناك بعض الاختلاف بينهم فالوضع يتغير .. ” . تلك هي المقتطفات التي وردت علي لسان هيلاري كلينتون كما نقلتها وسائل الميديا عن مذكراتها . دعنا من مدي دقة نسبة هذه الفقرات إلي هيلاري كلينتون ، فذلك الأمر يسهل التوصل إليه بقليل من البحث والتدقيق . وأنا شخصياً لا أعرف مذكرات باسم : ” كلمة السر 360 ” منسوبة إلي السيدة كلينتون ، ولكن لدي النسخة الإنجليزية ، والترجمة العربية لها من مذكراتها : ” خيارات صعبة ” إلا أنني لم أستكمل قراءتها حتي الآن . وأياً كان الأمر ، فإن الذين خرجوا في مواجهة نظام الإخوان ، لم يكونوا مدفوعين بدوافع وحوافز خارجية ، ولم يكونوا فئة من الشعب المصري ، وإنما خروج ثوري غير مسبوق في تاريخ البشرية ، ما كان للجيش إلا أن ينحاز له ، لا أن يقف في مواجهته . قل ما شئت بعد ذلك مؤيداً أو معارضاً ، فإن قولك في مواجهة شعب لا وزن له . وما شغلني حقاً فيما ورد في مذكرات كلينتون هو حالة الهلع التي أصابت العقول المأجورة ، والعقول العميلة ، والعقول الخائنة ، فانبرت أقلامهم نقداً ونقضاً وتشكيكاً وسخرية ، وكأنهم قد باعوا دمائهم قبل بيع أوطانهم ، مع أن هناك وقائع دالة دلالة لا تحتمل لبساً ولا تشكيكاً علي صحة ما ورد بالمقتطفات المقتبسة . من بينها حالة التكبير الهستيري التي أصابت اعتصام رابعة فور إعلان المنصة عن وجود الأسطول الأمريكي في البحر الأحمر . وهذا ما شاهدناه بأم أعيننا علي قناة الجزيرة القطرية في حينه ، حياً مباشراً . وما وقع في العراق وليبيا وسوريا واقع غير منكور . وإرهاصاته في مصر لا تنكر . وموقف الدول الأوروبية وأمريكا من قضية الإعتصام وفضه ، وثورة 30 / 6 كان معلناً . والعقوبات غير المعلنة التي جري تفعيلها علي الشعب المصري أمريكياً وأوروبياً تنطق بالحق ، ولا يزال شعب مصر يعاني ويلاتها حتي تاريخه . دعك من المزاعم الغربية التي روجت لأكذوبة الإنقلاب العسكري ، لإتخاذها تكئة أخلاقية لممارسات لا أخلاقية في مواجهة شعب هدم معبدهم الشيطاني فوق رؤوسهم . ومن ثم فإن هذه المذكرات ـ سواء كانت حقيقية أو مزعومة ـ قد نزعت وريقة التوت عن سوءات أصحاب العقول المعطوبة ، وتركتهم عرايا تحت ضوء الشمس . حــســــن زايـــــــــد