بقلم هشام صلاح
طالعت مقالا للعالم والفيلسوف الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة بجريدة الأهرام جاء تحت عنوان
” الفن والعقلانية والواقع الممكن “
ولقد استطاع الدكتور الخشت وبحكم خلفيته الفلسفية ومنهجه الذى يدعو له من خلال حرصه على الاهتمام بالعلوم الطبيعية والأساسية، إضافة إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية أن يشخص بمهارة طبيب عبقرى داء الفن وأسباب الهبوط والدونية التى نلحظها فى بعض الأعمال التى يشق علينا أن نطلق عليها أحد أنواع الفن المصرى
حدد الكاتب سبب داء الفنون وظهور أعراض الهبوط حيث قال :
” إذا وجدت في أمة من الأمم فنونا هابطة منتشرة ولها الغلبة، فاعلم :
أن الوجدان والعقل الصانعين لهذا الفن والمتذوقين له يعانيان مرضا”
فالفن أحد تجليات الوجدان والعقل إبداعا أو تذوقا. إن الفن إظهار خارجي لشيء داخلي في مَعْرِض خارجي كما يقول أرسطو. لكن الفن أيضا من وجهة نظري يمكنه أن يغير الدفة ويؤثر من الخارج على الداخل، ويمكنه أن يحرر الوجدان المشوه لقطاعات من الأمة من أمراضها وتشوهاتها. إن القبح الذي يصيب الوجدان مثل الشرك الذي يصيب الإيمان، ومثل الاستعمار الذي يضرب وطنا. وهنا يأتي دور الإبداع الفني الحقيقي الذي يجب أن نفتح أمامه المسارات، في الوقت الذي يجب أن نغلق فيه كل سبيل أمام الفن العشوائي الذي بات يضرب ملكة الوجدان مثلما تضرب العشوائيات الأرض
وهنا نجد الكاتب قد نجح لحد بعيد فى تحديد ماهية الفن الراقى الهادف ونبه لدوره الفاعل فى المجتمع والذى يمكن عن طريقه علاج داءات وتشوهات المجتمع
وكانت نظرته الفلسفية الراقية حينما أضفى على هذه الداءات والتشوهات صورة الشرك فى مقابل الإيمان والاستعمار الذى يهتك عذرية الأوطان
ولعل المتابع لكتابات العالم الراقى الدكتور الخشت يجد أن له نظرة مستقيضة فى تحديد الأخطار التى تهدد المجتمع وبنيته الأساسية حيث قال فى معرض حديث آخر:
” إن لدينا مشاكل في مختلف المجالات، وليس في الاعلام فقط، بسبب محاولة فرض رأي أحد الأطراف دون النظر للرأي الآخر”
لهذا كان وصفه للدواء لتحقيقة شفاء العقلية ونقائها حيث قال
” بضرورة الانتقال من عصر الشجار في الحوار إلى عصر فن الحوار”
وهو الطريق الصحيح في إطار تطوير العقل المصري.
والمتابع لمسيرة العالم وكتاباته نشهد من خلالهما حرصه على ألا يكون نتاج فكره مجرد إرهاصات بل إتخذ الخطوات العملية سبيلا له فتبنى وبحكم منصبه كرئيس لجامعة القاهرة مشروع تطوير العقل المصري بتطوير طرق التفكير القديمة من خلال مشروعه الرائد لاعداد قادة المستقبل والذى يشارك فيه طلاب جامعة القاهرة ويلقى نجاحا كبيرا على مختلف الأصعدة
ولأهمية الدور المنوط برجال الفكر والفلسفة أختم حديثى بعبارة العالم والطبيب ابن سينا الذى قال :
” حسبنا ما كُتِب من شروح لمذاهب القدماء، فقد آن لنا أن نضع فلسفة خاصة بنا”